للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَقول لي من داخلِ الهَوْدجِ ... لولاك هَذَا الْعَام لَمْ أَحججِ

وَقَول الآخر:

أتُطمع فِينَا من أراقَ دِمَاءَنا ... ولولاك لَمْ يَطْمعْ بأحسَابِنَا حَسَن

وَقد اخْتلف النحويون فِي مَوضِع مَا يَلِي لَوْلَا من الْمُضمر الْمُتَّصِل من الْإِعْرَاب، وَكَانَ سِيبَوَيْهٍ والكسائيُّ يَقُولَانِ: هُوَ مجرور وَإِن كَانَ الظَّاهِر إِذَا حلَّ محلهُ رفع، وَكَانَ الْفراء والأخفش يحكمان عَلَى مَوْضِعه بِالرَّفْع، وَإِن كَانَ آتِيَا عَلَى الصُّورَة الَّتِي صِيغت فِي الأَصْل إِلَى ضمير الْمَجْرُور لغَلَبَة الِاشْتِرَاك فِي صِيغَة الْمُضمر بَينه وَبَين الْمُنْفَصِل وَهُوَ كثير فِي هَذَا الْبَاب، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:

فأحْسِنْ وأجْمِلْ فِي أسيرك إِنَّهُ ... ضَعِيفٌ وَلم يَأْسِرْ كإيّاك آسرُ

وَقَالُوا: أَنْت كأنا وَأَنا كَأَنْت، ولاستقصاء هَذَا الْبَاب والاحتجاج فِيهِ مَوضِع هُوَ أولى بِهِ من هَذَا الْموضع، والأفصح والأوضح فِي الْعَرَبيَّة سَمَاعا وَقِيَاسًا: لَوْلَا أَنا وَلَوْلَا أَنْت، وَالْقَضَاء على مَوضِع هَذَا الْمُضمر الْمُنْفَصِل فَإِنَّهُ فِي مَوضِع رفع كَمَا هُوَ فِي الظَّاهِر كَذَلِك، كَقَوْلِك: لَوْلَا زيدٌ وَلَوْلَا عَبْد اللَّه، غَيْر أَن الْوَجْه الآخر جَائِز، كَمَا قَالَ جُمْهُور النَّحْوِيين لروايتهم إِيَّاه عَنِ الْعَرَب وَمَا اسْتشْهدُوا بِهِ من أشعارها، وَلَيْسَ بمطرحٍ لَاحق باللحن المرغوب عَنْهُ كَمَا زعم أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن يزِيد.

عظة وَاعْتِبَار

حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْن أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن مُوسَى الْبَرْمَكِي الْمَعْرُوف بجحظة، قَالَ: قَالَ لي صافي الحرمي: لمّا مَاتَ المعتضد بِاللَّه كَفّنتُه وَالله فِي ثَوْبين قوهي قيمتُهما سِتَّة عَشْر قيراطًا.

خبر مَقْدم وَكِيع وَابْن إِدْرِيس وَحَفْص عَلَى الرشيد

حَدَّثَنَا ابْن مخلد، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن المؤمل، أَبُو جَعْفَر الضَّرِير الْكَلْبِيّ، حَدَّثَنِي شيح عليّ بَاب بَعْض الْمُحدثين، قَالَ: سَأَلت وكيعا عَنْ مَقْدَمِه وَهُوَ وَابْن إِدْرِيس وَحَفْص عَلَى هَارُون الرشيد، فَقَالَ لي: مَا سَأَلَني عَنْ هَذَا أحدٌ قبلك، قدمنَا عَلَى هَارُون أَنَا وَعبد اللَّه بْن إِدْرِيس وَحَفْص بْن غياث، فأقعدنا بَيْنَ السّريرين فَكَانَ أول من دَعَا بِهِ أَنَا، فَقَالَ لي هَارُون: يَا وَكِيع! فَقلت: لبيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: إِن أَهْلَ بلدك طلبُوا مني قَاضِيا وسَمّوْك لي فِيمَن سَمّوْا، وَقد رَأَيْت أَن أشركك فِي أمانتي وَصَالح مَا أَدخل فِيهِ من أَمر هَذِهِ الْأمة، فَخذ عَهْدَكَ وامض. فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! وَإِحْدَى عَيْني ذَاهِبَة وَالْأُخْرَى ضَعِيفَة؟ فَقَالَ هَارُون: اللَّهُمّ غُفْرًا، خُذْ عَهْدك أَيهَا الرَّجُل وامض، فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالله لَئِن كنت صَادِقا إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَن تقبل مني وَإِن كنت كَاذِبًا فَلا يَنْبَغِي أَن تُوَلِّيَ الْقَضَاء كذابا، فَقَالَ: اخْرُج، فَخرجت، فَدخل ابْن إِدْرِيس فَكَانَ هَارُون قَدْ وُسم لَهُ من ابْن إِدْرِيس وَاسم، يَعْنِي خُشُونة جَانِبه، فَدخل فسمعنا صَوت رُكبتيه عَلَى الأَرْض حِين بَرَك، وَمَا سمعناه يُسلِّم إِلَّا سَلاما

<<  <   >  >>