للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدجر من أَسمَاء اللوبيا، وَله أَسمَاء ذَوَات عدد: اللوبياء واللوبيا بِالْمدِّ وَالْقصر، وليا الْوَاحِدَة لياءة، وَيُقَال لِلْجَارِيَةِ المستحسنة كَأَنَّهَا لياءة مقشورة، وَرُوِيَ عَن بَعضهم أَنه قَالَ: دخلت على مُعَاوِيَة وَفِي يَده لياء مقشو أَي مقشور وَيُقَال لَهُ اللويباج والأحبل والحبيل والدجر.

مَا بَال الْعَرَب تطيل كَلَامهَا وَأَنْتُم تقصرونه

حَدَّثَنَا يَزْدَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى يَعْنِي تينة قَالَ حَدَّثَنَا الْعُتْبِي عَن أَبِيه عَن أَبِي خَالِد عَن أَبِيه قَالَ: وَفد مُحَمَّد بْن عُطَارِد بْن مُحَمَّد إِلَى الْحجَّاج فِي نَيف وَسبعين رَاكِبًا فاستزارهم عَمْرو بْن عتبَة فَقَالَ: يَا أَبَا سُفْيَان مَا بَال الْعَرَب تطيل كَلَامهَا وتقصرونه معاشر قُرَيْش؟ فَقَالَ عَمْرو: بالجندل يرْمى الجندل، إِن كلامنا كَلَام يقل لَفظه وَيكثر مَعْنَاهُ ويكتفي بأولاه ويشتفى بأخراه، ويتحدر تحدر المَاء الزلَال على الكبد الحرى، وَلَقَد نقص كَمَا نقص غَيره بعد أَقوام وَالله أدركتهم كَأَنَّمَا جعلُوا لتحسين مَا قبحت الدُّنْيَا، سهلت لَهُم ألفاظهم كَا سهلت لَهُم أنفاسهم، فصانوا أعراضهم وابتذلوا أَمْوَالهم حَتَّى مَا يجد المادح فيهم مزيدًا، وَلَا العائب فيهم مطعنًا، فَلَو احتفلت الدُّنْيَا مَا تزينت إِلَّا بهم، وَلَو نطقت مَا افتخرت إِلَّا بفعالهم، وَلَقَد كَانَ آل أَبِي سُفْيَان مَعَ قلتهم كثيرا مِنْهُ نصِيبهم، وَللَّه در مَوْلَاهُم حَيْثُ يَقُول:

وضع الدَّهْر فيهم شفرتيه ... فَمضى سالما وأضحوا شعوبًا

شفرتان وَالله وضعتا على من كَانَ قبلهم فأفنت أبدانهم وأبقت أخبارهم، فأبقت حسنا فِي الدُّنْيَا ثَوَابه، وسيئًا فِي الدُّنْيَا عِقَابه وَفِي الْآخِرَة أَسْوَأ.

قَالَ القَاضِي: قَول عَمْرو بْن عتبَة فِي هَذَا الْخَبَر من أبلغ كَلَام وَأحسنه وَكَانَ قَوْله: فأفنت أبدانهم وأبقت أخبارهم مَأْخُوذ من قَول أَمِير الْمُؤمنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خبر كميل بْن زِيَاد النَّخعِيّ وَقد ذكر الْعلمَاء وفضله على المَال وشرفه: مَاتَ خُزَّانُ الأَمْوَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ، أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَأَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ. على أَن فضل كَلَام أَمِير الْمُؤمنِينَ عَلَيْهِ السَّلَام وجزالته وبهاءه وطلاوته وَظُهُور تقدمه ومزيته بَيّن، وَأَن كَانَ هَذَا وَقع لعَمْرو، لقد امتار علمه من مَعْدن الحكم، واقتبس شرِيف الْفَائِدَة من الإِمَام الرباني العَلَم.

/الْمَجْلِسُ الثَّالِثُ وَالثَّمَانُونَ

حَدِيثُ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقوم خيرا

حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ بْنِ عَامِرٍ السَّعْدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ أَبُو يَعْقُوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ السَّبِيعِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ الأَفْرِيقِيِّ عَنْ حَيَّانَ بْنِ أَبِي

<<  <   >  >>