لَا يُخْلِفُ الوعدَ ميمونٌ نقيبته ... رحبُ الْفِناءِ أريبٌ حينَ يعتزم
من معشرٍ حبُّهم دينٌ وبغضهمُ ... كفرٌ وقربهمُ مَنْجًى وَمُعْتَصَم
يُسْتَدْفَعُ السوءُ والبلوى بِحبِّهمُ ... ويسترقُّ بِهِ الْإِحْسَان وَالنعَم
مقدَّمٌ بعد ذكرِ الله ذكرهمُ ... فِي كلِّ يومٍ ومختومٌ بِهِ الْكَلم
إِن عدَّ أهلُ التقى كَانُوا أئمتهم ... أَو قيلَ مَنْ خَيْرُ أهلِ الأَرْض قيلَ هُمُ
لَا يَسْتَطِيع جوادٌ بُعْدَ غايتهم ... وَلَا يدانيهم قومٌ وإنْ كَرموا
هم الغيوث إِذا مَا أمةٌ أَزَمَتْ ... والأُسْدُ أُسْدُ الشَّرى والبأسُ مُحْتَدِمُ
يَأْبَى لَهم أَن يحلَّ الذمُّ ساحتَهم ... خيمٌ كريمٌ وأيدٍ بالنَّدى هضم
لاينقص الْعُسْرُ بسطًا من أكفهمُ ... سيان ذَلِكَ إِن أَثروا وَإِن عدموا
أيّ الْخَلَائق لَيست فِي رقابِهم لأولية هَذَا أَو لَهُ نعم
من يعرف الله يعرفْ أوَّلَّية ذَا ... فالدّين من بَيت هَذَا ناله الْأُمَم
قَالَ: فَغَضب هِشَام وَأمر بِحَبْس الفرزدق، فحبس بعسفان بَين مَكَّة وَالْمَدينَة. فبلغَ ذَلِكَ عليَّ بن الْحُسَيْن عَلَيْهِم السَّلام، فَبعث إِلَى الفرزدق اثْنَي عشر ألف دِرْهَم وَقَالَ: اعذر أَبَا فراس، وَلَو كَانَ عندنَا أَكثر مِنْهَا لوصلناك بِهَا.
فردَّها وَقَالَ: يَا ابْن رَسُول الله. مَا قلتُ الَّذِي قلت إِلَّا غَضبا لله وَلِرَسُولِهِ، مَا كنت لأرزأ عَلَيْهِ شَيْئا. فردَّها إِلَيْهِ وَقَالَ: بحقي عليكَ لَمَا قبلتها، فقد رأى الله مَكَانك وَعلم نيتك، فقبلها، فَجعل يهجو هشامًا، فَكَانَ مِمَّا هجاهُ بِهِ:
أيحسبني بَين الْمَدِينَة وَالَّتِي ... إِلَيْهَا قلوبُ النَّاس يهوي منيبها
يقلِّب رَأْسا لَمْ يكن سيد ... وعينين حولاوين بادٍ عيوبها
فَبعث وَأخرجه.
الْمجْلس الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ
وَفد ثَقِيف إِلَى الرَّسُول
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يُونُسَ بْنِ يس أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْرَائِيلَ قَالَ، حَدَّثَنَا مَسْعَدَةُ الْبَصْرِيُّ عَنْ خَصِيبِ بْنِ جَحْدَرٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُفَيٍّ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ ثَقِيفَ عَلَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَيْئَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ طَوِيلَةً أَشْعَارُهُمْ وَشَوَارِبُهُمْ وَأَظْفَارُهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " امْكُثُوا وتعلَّموا الْقُرْآنَ، وخذوا من أَشْعَاركُم وشواربكم وأظافركم "، فَمَكَثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثُوا، فَاسْتَعْرَضَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ أَطْهَرَهُمْ ثِيَابًا وَأَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا قَدْ فَضَلَهُمْ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، فأمَّره عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: إِذَا صلَّيت بِقَوْمِكَ فصلِّ بِأَضْعَفِهِمْ فإنَّ خَلْفَكَ الْكَبِيرَ وَالسَّقِيمَ وَذَا