زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أَنْ سيقتلُ مِرْبَعًا ... أبشر بطول سَلامَة يَا مِرْبَع
مربع رَجُل من بني جَعْفَر بْن كلاب، كَانَ يرْوى شعر جرير فَنَذر الفرزدق دَمَه، فَقَالَ جرير:
زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أَنْ سيقتلُ مِرْبَعًا ... أبشر بطول سَلامَة يَا مربعُ
إِن الفرزدق قَدْ تبيّن لُؤمُه ... حَيْث الْتقَى حُشَشَاؤه والأخدعُ
فَلَمّا خلع الْمَنْصُور عِيسَى بْن مُوسَى مَرَّ فِي موكب، فَقَالَ إِنْسَان: من هَذَا؟ فَسَمعهُ مُخَنّث، فَقَالَ: هَذَا الَّذِي أَرَادَ أَن يكون غَدا فَصَارَ بَعْدَ غَد، وَقد رُوينا فِي خبر آخر: أنَّ عِيسَى بْن مُوسَى قَالَ لمخنّثٍ يتهدَّدُه: أما تَعْرِفُني؟ فَقَالَ: بلَى، أَنْت الَّذِي كنت غَدا فصرت بَعْدَ غَد.
وَقَول جرير: حَيْث التقى حششاءه، الْحُشاشاوان: هما العظمان الناشزان وَرَاء الْأُذُنَيْنِ، وَالْوَاحد حُشَشَاء وهما لُغَتَانِ إِحْدَاهمَا هَذِهِ مثل فُعلاء، وَالْأُخْرَى حشاء عَليّ فعلاء مثل قسطاس وفسطاط من الصَّحِيح، وَكَذَلِكَ قُوياء وَلَيْسَ فِي الْأَسْمَاء عَلَى هَذَا الْوَزْن غَيرهمَا.
وأمّا فُعلى فقد حكى الْفراء وَيَعْقُوب وَغَيرهمَا فِيهِ ثَلَاثَة أحرف، وَحكى غَيرهمَا فِيهِ رَابِعا وخامسًا وسادسًا، فَأَما الأحرف الثَّلَاثَة فأدَمَى اسْم مَكَان، وأُربَى من أَسمَاء الداهية، كَمَا قَالَ الشَّارِع:
هِيَ الأرْبَى جَاءَتْ بأمِّ حَبَوْ كَرَى
وشُعَبَى اسْم بَلْدَة، قَالَ جرير:
أعبدًا حَلَّ فِي شُعَبَى غَريبًا ... أَلُؤْمًا لَا أَبَا لَكَ واغْتِرَابَا
وأمّا الْحُرُوف الْأُخَر فحكاهنَّ فِيمَا روى لنا أَبُو عُمَر الشَّيْبَانيّ وَابْن الأَعْرَابِي.
حَدَّثَنَا أَبُو عُمَر مُحَمَّد بْن عَبْد الْوَاحِد، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَعْلَب، قَالَ: جَاءَت حُرُوف لَمْ يأتِ بهَا يَعْقُوب وَلَا الْفراء، أَتَى بهَا أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانيّ وَابْن الأَعْرَابِي، وَهِي: جُمَدى اسْم مَوضِع وجُسَقى اسْم بلد، وجُبنَى اسْم جبل.
دَعْ لله إِحْدَاهمَا تنَلْ الْأُخْرَى
حَدَّثَنَا عليّ بْن مُحَمَّد بْن الجهم، أَبُو طَالِب الْكَاتِب، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن الفَضْل الرَّبَعي، قَالَ: وحَدثني عليُّ بْن مُحَمَّد بْن خَلَف العَطَّار، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن الْحُسَيْن الْأَشْقَر، قَالَ: كنت أَطُوف مَعَ عَبْد اللَّه بْن حَسَن بْن حَسَن فَإِذا نَحْنُ بِامْرَأَة حسناء تَطوف، قَالَ: فَقَالَ لَهَا عَبْد اللَّه بْن حَسَن بْن حَسَن:
أهْوَى هَوَى الدِّينِ واللّذَّاتُ تُعْجِبُني ... فَكيف لي بهوى اللّذَّاتِ والدينِ
فَقَالَت: يَا ابْن رَسُول اله دَعْ لله إِحْدَاهمَا تنَلْ الْأُخْرَى، فَقَالَ: هَلْ من زَوْجَ؟ قَالَتْ: