شرب نبيذًا ثُمَّ لَا يدْرِي أطلق امْرَأَته أم لَا، وَحكم ذَلِكَ
حَدَّثَنَا أبي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أيّوب بْن زَاذَان الْقُرْبَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد التّميميّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن معري، قَالَ: جَاءَ رَجُل إِلَى أبي حنيفَة، فَقَالَ: إِنِّي شربتُ البارحة نبيذًا فَلا أَدْرِي طلقتُ امْرَأَتي أم لَا، قَالَ: الْمَرْأَة امرأتُك حَتَّى تستيقن أنَّكَ طَلَقْتَها، ثُمَّ أَتَى سُفْيَان الثّوريّ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْد اللَّه! إِنِّي شربتُ البارحة نبيذًا فَلا أَدْرِي طلقتُ امْرَأَتي أم لَا، قَالَ: اذْهَبْ فَرَاجعهَا فَإِن كنت قَدْ طَلقتهَا فقد راجعتها وَإِن لَمْ تَكُ طَلّقْتها لَمْ تَضُرَّك الْمُرَاجَعَة شَيئًا، ثُمَّ أَتَى شريك بْن عَبْد اللَّه، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! إِنِّي شربت البارحة نبيذا وَلَا أَدْرِي طلقتُ امْرَأَتي أم لَا، قَالَ: اذْهَبْ فَطلقهَا ثُمَّ رَاجعهَا، ثُمَّ أَتَى زُفَر بْن الْهُذيْل، فَقَالَ: يَا أَبَا الْهُذيْل! إِنِّي شربت البارحة نبيذا وَلَا أَدْرِي طلقتُ امْرَأَتي أم لَا، قَالَ: سَأَلت غَيْرِي؟ قَالَ: أَبَا حنيفَة، قَالَ: فَمَا قَالَ لَك؟ قَالَ: الْمَرْأَة امرأتُك حَتَّى تستيقن أنَّكَ قَدْ طَلقتهَا، قَالَ: الصَّوَاب قَالَ، قَالَ: فَهَل سألتَ غَيره؟ قَالَ: سُفْيَان الثّوريّ، قَالَ: فَمَا قَالَ لَك؟ قَالَ: اذْهَبْ فَرَاجعهَا فَإِن كنت قَدْ طَلقتهَا فقد راجعتها وَإِن لَمْ تَكُ طَلّقْتها لَمْ تَضُرك الْمُرَاجَعَة شَيئًا، قَالَ: مَا أحسن مَا قَالَ! قَالَ: فَهَل سَأَلتَ غَيره؟ قَالَ: شريك بْن عَبْد اللَّه، قَالَ: فَمَا قَالَ لَك؟ قَالَ: اذْهَبْ فَطلقهَا ثُمَّ رَاجعهَا، فَضَحِك زفر وَقَالَ: لأضربنَّ لَك مثلا، رَجُل مَرَّ بمثغب يسيل فَأصَاب ثَوْبه، قَالَ لَك أَبُو حنيفَة: ثوبُك طَاهِر وصلاتك تَامَّة حَتَّى تستيقن أَمر المَاء، وَقَالَ لَك سُفْيَان: اغسله فَإِن يَك نجسا فقد طَهُر، وَإِن يَك نظيفاً زَاد نظافة، وَقَالَ لَك شريك: اذْهَبْ فبُلْ عَلَيْهِ ثُمَّ اغسله.
حذف ألف الِاسْتِفْهَام
قَالَ القَاضِي: فِي هَذَا الْخَبَر: وَلَا أَدْرِي طلقت امْرَأَتي أم لَا، والفصيح وَلَا أَدْرِي أطلقت، غَيْر أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي مَوَاضِع بِغَيْر ألف اكْتِفَاء بِدلَالَة أم، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
تَرُوح من الحَيِّ أم تَبْتَكِرْ ... وماذا يَضُرُّك لَوْ تنتِظر
وَقَالَ آخر:
لَعَمْرك مَا أَدْرِي وَإِن كنتُ داريا ... شُعَيْبُ بْن سَهْم أم شُعَيب بْنِ مِنْقَرِ
وَقَالَ ابْن أبي ربيعَة:
فوَاللَّه مَا أَدْرِي وَإِن كنتُ داريا ... بِسبع رَمَيْن الجَمْر أم بِثَمَانِ
وَقد أجَاز قَوْمٍ حذف ألف الِاسْتِفْهَام وَإِن لَمْ تكن أم فِي الْكَلَام، وتأولوا مثل هَذَا فِي الْقُرْآن، كَقَوْلِه " هَذَا رَبِّي " واستشهدوا بقول الْهُذلِيّ:
رَفَوْني وَقَالُوا يَا خُوَيلدُ لمْ تُرَع ... فقلتُ وأنكرتُ الْوُجُوه: هُمُ هُمُ؟
وَقَول ابْن أبي ربيعَة:
ثُمَّ قَالُوا: تحبها؟ قلت بهراًعدد الرَّمْل والحصى والتُّرابِ وَأنكر هَذا بعض نظار
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute