كرم أَبِي أيّوب المورياني
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القَاسِم الأنبَاريّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمَرْزُبَان، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَر بْن شبة، قَالَ: حَدَّثَنَا عليّ بْن إِسْمَاعِيل بْن هَيْثَم، قَالَ: قَالَ ابْن شُبرمة: زوجت ابْني عَلَى ألفي دِرْهَم فَلم أقدر عَلَيْهَا ففكرت فِيمَن أقصده فَوَقع فِي قلبِي أَبُو أَيُّوب المورياني فَدخلت عَلَيْهِ فشرحتُ لَهُ خَبَري فَقَالَ: فلك أَلفَانِ، فَلَمَّا نهضت لأَقوم، قَالَ: فالمهر أَلفَانِ فَأَيْنَ الجهاز؟ فلك أَلفَانِ للجهاز، فَذَهَبت لأَقوم فَقَالَ: الْمهْر والجهاز فَأَيْنَ الْخَادِم؟ فلك أَلفَانِ للخادم، فَذَهَبت لأَقوم، قَالَ: فالشيخ لَا يُصِيب شَيئًا قَالَ: فلك أَلفَانِ فَلم أزل أقوم ويقعدني حَتَّى انصرفت من عِنْدَهُ بِخَمْسِينَ ألفا.
مثل يضْربهُ الأَعْمَشُ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الصَّمد الهاشميّ، ويزداد بْن عَبْد اللَّه بْن يزْدَاد المَرْوَزِيّ وَاللَّفْظ لَهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن إِدْرِيس، قَالَ: سُئِلَ الأَعْمَشُ عَنْ حَدِيث فَامْتنعَ مِنْهُ، فَلم يزَالُوا بِهِ حَتَّى استخرجوه مِنْهُ، فَلَمّا حدُّث لَهُ ضرب مثلا، فَقَالَ: جَاءَ قفّاف، إِلَى صيرفي بدارهم يزينه إِيَّاهَا، فَلَمّا ذهب يزنها وجدهَا تنقص سبعين، فَقَالَ:
عجبتُ عَجِيبَة من ذِئْب سُوء ... أصابَ فريسةً من لَيْث غابِ
فقفَّ بكفّه سبعين مِنْهَا ... تنَقّاها من السُّود الصلاب
فَإِن أخدع فقد نخدع وتُؤخذْ ... عتيقُ الطير من جوِّ السحابِ
تَعْلِيق نحوي
قَالَ القَاضِي أَبُو الفَرَج: أسكن فِي هَذَا الْبَيْت فقد تخدع وَالْعرب إنّما تسكن هَذَا وَنَحْوه فِي كَلَامهَا إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ جازم، وَمَتى لَمْ يدْخل عَلَيْهِ جازم يجزمه وَلَا ناصب ينصبه فتسكينه إِذَا وُصل بِكَلَام بعده خَارج عَنِ الفصيح الْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب، وَيَنْبَغِي أَن يكون هَذَا مَرْفُوعا عَلَى أَصله، ولمّا لَمْ يُمكن هَذَا الشَّاعِر تحريكه لِئَلَّا ينكسر وزن الْبَيْت الَّذِي قَالَه أسْكنهُ، وَأقرب مَا يعْتَذر لَهُ بِهِ أَنه عمل عَلَى السُّكُوت عَلَيْهِ وَنِيَّته الرّفْع فِيهِ، وَقد روى مثل هَذَا الْوَجْه المستقبح فِي أَبْيَات روتها الْعلمَاء، من ذَلِكَ قَول الشَّاعِر:
أَقُول شُيَيْهَاتٌ بِمَا قَالَ عالمٌ ... بهنّ وَمن أَشْبَهْ أَبَاهُ فَمَا ظَلَم
فَهَذَا ممّا يسْتَحق تحريكه بِالْفَتْح بِنَاء لَا إِعْرَاب، فَيُقَال: وَمن أشبهَ أَبَاهُ، وَمَا بِهَذَا الشَّاعِر ضَرُورَة إِلَى مَا أَتَاهُ لنه لَو قَالَ: وَمن يشبه أَبَاهُ فَجزم بِحرف الشَّرْط إِذ هُوَ من بَاب الْجَزَاء لَكَانَ مصيبًا مُحسنًا، وَقَالَ آخر:
شَكَوْنَا إِلَيْهِ خَرَابَ السّوَادِ ... فَحَرَّمْ عَلَيْنَا لُحُومَ البَقَر
فَهَذَا حمل نَفسه عَلَى هَذَا الْوَجْه للضَّرُورَة، وَلَو كَانَ قَالَ: فَحرم فِينَا لَكَانَ مصيبًا.
وَقد ذَكَرَ سِيبَوَيْهٍ فِي كِتَابه من هَذَا الْبَاب طرفا، وروُي بَيت امْرِئ الْقَيْس: