ويُقَالُ فِي هَذَا بَسَابِس.
كَلِمَات حكيمة
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْد، أَنْبَأَنَا أَبُو حَاتِم، عَنِ الْعُتْبِي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رجلٌ من حَنْظَلة يَقُولُ: إِنَّهُ لَيَنْبَغِي لَكَ أَنْ يَدُلَّكَ عَقْلُكَ عَلَى تَرْك القَوْل فِي أَخِيك، فَفِيهِ خلالٌ ثَلَاث: أما واحدةٌ فلعلَّك أَن تذكُرَهُ بِمَا هُوَ فِيك، أَوْ لَعَلَّك تذكره بأمرٍ قَدْ عافاك اللَّه مِنْهُ، فَمَا هَذَا جزاءُ الْعَافِيَة أَن تَجْحد الشُّكْر عَلَيْهَا.
أَوْ لعلَّك تذكُرُه بِمَا فِيك أعظمُ مِنْهُ، فَذَلِك أشَدُّ اسْتحكامًا لمقْتِه إياك، أما كُنْت تسمع: ارْحم أَخَاك وأحْمَدِ الَّذِي عَافَاك.
عَجِيبَة من الْعَجَائِب الزاغ أَبُو عَجْوَة
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ، قَالَ: حَدثنِي أَبُو عَليّ مُحرز ابْن أَحْمَد الْكَاتِب، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَليّ مُحرز ابْن أَحْمَد الْكَاتِب، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مُسْلِم السَّعْديّ، قَالَ: وَجَّه إليَّ يَحْيَى بْن أَكْثَم يَوْمًا فصرتُ إِلَيْهِ، فَإِذا عَنْ يَمِينه قمطرٌ مجلَّدة، فَجَلَست فَقَالَ لي: افْتَحْ هَذَا القمطر، فَفَتحهَا فَإِذا شيءٌ قَدْ خرج مِنْهَا، رَأسه رَأس إنسانٍ، وَهُوَ من سُرَّتِهِ إِلَى أَسْفَل خِلْقَةٌ " زاغ "، وَفِي ظَهره وصَدْره سَلْعَتَان، فكبَّرتُ وهلَّلتُ وفَزِعْت، ويَحْيَى يضْحك، فَقَالَ لي بلسانٍ فصيح طَلْق ذَلِق:
أَنَا الزاغُ أَبُو عَجْوه ... أَنَا ابنُ اللَّيْثِ واللبوه
أحب الراح والريحا ... ن والنَّشْوةَ والقَهْوَة
فَلَا عَدْوَى يَدِي تُخْشَى ... وَلا تُحْذَرُ لي سَطْوَه
وُلي أشياءُ تُسْتَطْرَفْ ... بِيَوْم الْعُرْسِ والدعوة
فَمِنْهَا سلعةٌ فِي الظه ... ر لَا تسترها الفَرْوَة
وأمّا السّلْعَة الْأُخْرَى ... فَلَو كَانَ لَهَا عُرْوة
لما شكّ جَمِيع النا ... س فِيهَا أنَّها رِكْوَةْ
ثُمّ قَالَ: يَا كهلُ! أنشِدْني شِعرًا غَزِلا: فَقَالَ لي يَحْيَى: قَدْ أنْشَدَك الزاغُ فأنْشِدْه، فأنشدْتُه:
أَغَرَّكِ أنْ أَذْنَبْتِ ثُمّ تَتَابَعَتْ ... ذنوبٌ فَلم أهْجُرْكِ ثُمّ ذُنُوبُ
وَأَكْثَرت حَتَّى قلتِ لَيْسَ بصارِمِي ... وَقَدْ يُصْرَمُ الإِنْسَانُ وَهُوَ حَبِيبُ
فصاح: زاغ زاغ زاغ، ثُمّ طَار، ثُمّ سقط فِي القمطر، فَقلت ليحيى: أعزَّ اللَّه القَاضِي، وعاشقٌ أَيْضا؟! فَضَحِك، قلت: أَيهَا القَاضِي: ماهذا؟ قَالَ: هُوَ مَا ترَاهُ، وجَّه بِهِ صاحبُ الْيمن إِلَى أَمِير الْمُؤْمِنِين، وَمَا رَآهُ بعدُ وَكتب كتابا لَمْ أَفْضُضْهُ، وأظن أَنَّهُ ذكر فِي الْكتاب