أَبُو الديك الْمَعْتُوه
حَدثنَا حَمْزَة بْن الْحُسَيْن بْن عمر السمسار قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن عبد الرَّحِيم الْأنْصَارِيّ قَالَ حَدَّثَنِي أبي قَالَ قَالَ أَبُو نعيم: أرسل إِلَى عمرَان بْن إِسْحَاق بْن الصَّباح، وَكَانَ كثيرا مَا يُرْسل إِلَى الْفُقَهَاء، وَكَانَ أَبوهُ قبله يفعل ذَلِك، قَالَ: فَأَتَيْته فَإِذا أَبُو الديك وَكَانَ معتوهًا ذَاهِب الْعقل مختلا محتالا جيد البديهة حسن الْجَواب على بَاب عمرَان بْن إِسْحَاق يُخَاصم ويجلب يخْتَلط وَيُشِير إِلَى الْحَائِط كَأَنَّهُ يرى شَيْئا يخاصمه، وَكَانَ ذَلِك لَا يَعْتَرِيه إِلَّا عِنْد الْجُوع وَكَانَ قد عرف بذلك، وَكَانَ عَلَيْهِ أهل الْكُوفَة: فقهاؤها وأمراؤها، يأمرون بتفقد ذَلِك. فَدخلت على عمرَان فَلم أَجْلِس حَتَّى قلت لَهُ: أَيهَا الْأَمِير، أَبُو الديك على الْبَاب يُخَاصم ويخلط وَلَا أَحْسبهُ إِلَّا جائعًا، فَإِن ذَلِك يَعْتَرِيه مَعَ الْجُوع، فَقَالَ عمرَان: يَا غُلَام، الْمَائِدَة، بهَا مهيأة، ثُمَّ قَالَ: أَبُو الديك، فَدخل، فَلَمَّا عاين الْمَائِدَة وَرَأى حسنها قَالَ، قَالَ الله تَعَالَى فِي كِتَابه يَحْكِي مَسْأَلَة نبيه " رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا " الْمَائِدَة: ١١٤ الْآيَة؛ وَهَذِه الْمَائِدَة لأوّل أهل الْكُوفَة وَآخرهمْ، وَالْآيَة معرفَة أَبِي نعيم بِمَا كنت فِيهِ؛ قَالَ أَبُو نعيم: ثُمَّ أقبل عَليّ فَقَالَ: يَا أَبَا نعيم هَذِه فطنة الْعُقَلَاء وأذهان الْفُقَهَاء وَاخْتِيَار الْعلمَاء، جَزَاك الله خيرا. ثُمَّ أقبل على عمرَان فَقَالَ: أَيهَا الْأَمِير، قَالَ الله تَعَالَى فِي كِتَابه: " وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وأسيراً " الدَّهْر: ٨ وَأَنا مِسْكين، يَتِيم من عَقْلِي، أَسِير فِي حبس شَيْطَان مُوكل بِي.
فتيَان بني عبد منَاف وفتيان بني أَسد حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْن سهل بْن الْفَضْل الْكَاتِب قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ يَعْنِي عمر ابْن شَبَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ قَالَ مُعَاوِيَةُ لِلْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ: أَدْخِلْ عَلَيَّ فِتْيَانَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، فَأَدْخَلَهُمْ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الدَّنَانِيرُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتُمْ:
بَنُو الْمَجْدِ لَمْ تَقْعُدْ بِهِمْ أُمَّهَاتُهُمْ ... وَآبَاؤُهُمْ آبَاءُ صدقٍ فَأَنْجَبُوا
هُمْ حَفِظُوا غَيْبِي كَمَا كُنْتُ حَافِظًا ... لَهُمْ غَيْبَ أُخْرَى مِثْلَهَا لَوْ تَغَيَّبُوا
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلا أُدْخِلَ عَلَيْكَ فِتْيَانَ بَنِي أَسَدٍ قَالَ: فَأَدْخَلَهُمْ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْحَيَّاتِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ:
أَكَلْنَ حِمْضًا فَالْوُجُوهُ شِيبُ ... شَرِبْنَ حَتَّى نَزَحَ الْقَلِيبُ
أَبُو الدَّرْدَاء ينظم شعرًا
حَدثنَا أَحْمد بن الْعَبَّاس العسكري قَالَ حَدَّثَنَا ابْن أَبِي سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْن إِسْحَاق الْمسَيبِي قَالَ: سَمِعت شَيخا يُقَال لَهُ عبد الْملك بْن عمَارَة من ولد خُزَيْمَة بْن ثَابت ذِي الشَّهَادَتَيْنِ من الْأَنْصَار يحدث أَبِي أَن أَبَا الدَّرْدَاء قيل لَهُ كل أَصْحَابك قد قَالَ الشّعْر غَيْرك، فَنَكس أَو أطرق قَلِيلا ثُمَّ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute