هَذَا سوار سَاقه اللَّه إِلَيْكَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القَاسِم الأنبَاريّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن أبي العنبس، عَنْ إِسْحَاق بْن يحيى بْن مُعَاذِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَوَّارٌ صَاحب رحبة سوار، قَالَ: انصرفتُ يَوْمَا من دَار الْمهْدي، فَلَمَّا دخلت منزلي عوت بالغَدَاء فجاشَتْ نَفسِي وَأمرت بِهِ فَرُدّ، ثُمَّ دعوتُ بالنرد ودعوت جَارِيَة لي ألاعبها فَلم تطب نَفسِي لذَلِك، فَدخلت للقائلة فَلم يأخذني النّوم، فَنَهَضت وَأمرت ببغلة لي شهباء فأُسرجت فركبتها، فَلَمّا خرجتُ استقبلني وَكيل لي وَمَعَهُ مَال فَقتل: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: ألفا دِرْهَم جَبَيْتُها من مستغلِّك الْجَدِيد، قلت: أمْسكهَا مَعَك واتبعني، قَالَ: وخليتُ رَأس البغلة حَتَّى عَبَرَت الجسر ثُمَّ مضيتُ فِي شَارِع دَار الرَّقِيق حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى الصَّحرَاء، ثُمَّ رجعتُ إِلَى بَاب الأنبار فطَوفت، فَلَمَّا صرت فِي شَارِع بَاب الأنبار انتهيتُ إِلَى بَاب دَار نظيف عَلَيْهِ شَجَرَة وعَلى الْبَاب خَادِم، فوقفت وَقد عطشنا، فَقَالَ للخادم، أعندك مَا تسقيني؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَامَ فَاخْرُج قُلَّة نظيفة حيرية طيبَة الرَّائِحَة عَلَيْهَا منديل، فناولني فَشَرِبت، وَحضر وقتُ الْعَصْر فَدخلت مَسْجِدا عَلَى الْبَاب فَصليت فِيهِ، فَلَمّا قضيت صَلَاتي إِذْ أَنَا بأعمى يتلمس، فَقلت: مَا تُرِيدُ يَا هَذَا؟ قَالَ: إياك أُرِيد، قلت: وَمَا حَاجَتك؟ فجَاء حَتَّى قعد إِلَى فَقَالَ: شممتُ مِنْك رائحةَ الطِّيب فظننتُ أنَّكَ من أَهْلَ النَّعيم، فأردتُ أَن ألقِي عَلَيْكَ شَيئًا، فَقلت: قل، قَالَ: أَتَرَى بَاب هَذَا الْقصر؟ قلت: نَعَمْ، قَالَ: هَذَا قصر كَانَ لأبي فَبَاعَهُ وَخرج إِلَى خُرَاسَان وخرجتُ مَعَه، فَزَالَتْ عَنَّا النعم الَّتِي كُنَّا فِيهَا، فَقدمت فَأتيت صَاحب الدَّار لأسأله شَيئًا يَصِلُني بِهِ وأصير إِلَى سَوّار، فَإِنَّهُ كَانَ صديقا لأبي، قلت: وَمن أَبوك؟ قَالَ: فلَان بْن فلَان، قَالَ: فَإِذا أصدقُ النّاس كَانَ لي فَقلت لَهُ: يَا هَذَا فَإِن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَتَاك بسَوّار وَمنعه النومَ والطعامَ حَتَّى جَاءَ بِهِ فأقعده بَيْنَ يَديك، ثُمَّ دعوتُ الْوَكِيل وأخذتُ الدَّرَاهِم مِنْهُ ودفعتها إِلَيْهِ، وَقتل لَهُ: إِذَا كَانَ غدٌ فصر إِلَى الْمنزل، ثمَّ مضيت فَقتل: مَا أحدث أَمِير المهديِّ بِشَيْء هُوَ أطرف من هَذَا، فَأَتَيْته فاستأذنت عَلَيْهِ فَأذن لي، فَدخلت إِلَيْهِ فَحَدَّثته فأعجبه فَأمر لي بألفي دِينَار، فأحضرت، فَقَالَ: ادفعها إِلَيْهِ. قَالَ: فَنَهَضت، فَقَالَ لي: أعليك دين؟ قلت: نَعَمْ، قَالَ كم؟ قلت: خَمْسُونَ ألف دِينَار. فَأمْسك وَجعل يحدثني سَاعَة، ثمَّ قَالَ: امْضِ إِلَى مَنْزِلك، فصرت إِلَى منزل فَإِذا خَادِم مَعَه خَمْسُونَ ألف دِينَار فَقَالَ: يَقُولُ لَك أَمِير الْمُؤمنِينَ اقْضِ بهما دينك. قَالَ: فقبضتها، فَلَمّا كَانَ من الْغَد أَبْطَأَ عليّ المكفوفُ وَجَاء رَسُول المهديِّ يدعوني فَجِئْته، فَقَالَ: فَكرت فِي أَمرك وَقتل: يقْضِي دينه ثُمَّ يحْتَاج إِلَى الْحِيلَة وَالْقَرْض، وَقد أمرتُ لَك بِخَمْسِينَ ألف دِينَار أُخْرَى، قَالَ: فقبضتها وانصرفت فَأَتَانِي المكفوفُ فَدفعت إِلَيْهِ الألفي دِينَار، وَقتل قَدْ رزق اللَّه تَعَالَى بكرمه بك خيرا كثيرا، وأعطيته من مَالِي ألفي دِينَار.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute