عَنْ رَكْبٍ الْمِصْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " طُوبَى لِمَنْ تَوَاضَعَ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ مَنْقَصَةٍ، وَذَلَّ فِي غَيْرِ مَسْكَنَةٍ، وَأَنْفَقَ مَالا جَمَعَهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَرَحِمَ أَهْلَ الذُّلِّ وَالْمَسْكَنَةِ، وَخَالَطَ أَهْلَ الْفِقْهِ وَالْحِكْمَةِ ".
رِوَايَة أُخْرَى للْحَدِيث
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَمْدَوَيْهِ الدَّهَّانُ الْمَرْوَزِيُّ، بِالنَّهْرَوَانِ، قَدِمَ لِلْحَجِّ سنة تسع عشرَة وثلثمائة، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَلْمَانَ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثُمَيْلَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: سَمِعَ النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَهْقَهَةً عِنْدَ الْقُبُورِ، فَقَالَ: مَا يُؤْمِنُ هَذَا بِيَوْمِ الْحِسَابِ، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! كَأَنَّ الْمَوْتَ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ، وَكَأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ، وَكَأَنَّ الَّذِينَ نُشَيِّعُ مِنَ الْمَوْتَى يَعْنِي فِي نفرٍ وَهُمْ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ، وَكَأَنَّا مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ، طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ، طُوبَى لِمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ فِي غَيْرِ مَنْقَصَةٍ، وَأَنْفَقَ مَالا جَمَعَهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَرَحِمَ أَهْلَ الذُّلِّ وَالْمَسْكَنَةِ، وخالط أهل الْفِقْه وَالْحكمَة، طُوبَى لِمَنْ ذَلَّ فِي نَفْسِهِ، وَطَابَ كَسبه، وصلحت سبريرته، وَحَسُنَتْ عَلانِيَتُهُ، وَاعْتَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرُّهُ، طُوبَى لِمَنْ عَمِلَ بِعِلْمِهِ، وَأَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ، وَأَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ، وَوَسِعَتْهُ السُّنَّةُ، وَلَمْ يَتَعَدَّهَا إِلَى بِدْعَةٍ.
قَالَ: القَاضِي: لقَدْ أبلغ رسولُ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الموعظة، وضمَّنها أصولا من الْحِكْمَة، وأرشد فِيهَا إِلَى مَا يكْسب النجَاة والْعِصمة، ويأمنَ العاملُ بِهِ المتقبِّلُ لَهُ العطبَ والهَلَكة.
وَقَدْ رُوي أَن عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود سَمِع رَجُلا ضحك فِي الْمقْبرَة، فَقَالَ لَهُ: لَا أكلِّمك أبدا.
وحُكِيَ لنا عَن بشر بْن الْحَارِث مثلُه، ولَعَمْري إِن الْمقْبرَة لمحلَّةٌ يدعُو حضورُها ذَا اللُّبِّ وسلامة الصَّدْر وَالْقلب، إِلَى الرَّهبة وَالدُّعَاء، والتذكر والبكاء، رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَأْذن ربَّه فِي زِيَارَة قبر أُمّه، فَأذن لَهُ وَأَنه زارها فِي ألف مُقَنَّع، فَلم يُرَ باكٍ وَلا باكية أَكثر من يَوْمئِذٍ.
مجاهدٌ تلفظه الأَرْض
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْد، قَالَ: حَدَّثَنَا العكلي، قَالَ: أَخْبَرَنِي رجلٌ من أهل الْبَصْرَة، قَالَ: رَأَيْت رَجُلا لَهُ هَيْئَة وسمتٌ وَعَلِيهِ الصُّوف، فَسَأَلته عَنِ اسْمه، فَقَالَ: اسْمِي عليُّ بْن مُحَمَّد فَجَلَست إِلَيْهِ فَحَدَّثته فخبرني أَنَّهُ مضى إِلَى المصِّيصة غازيًا، فَرَأى فِي مَسْجِدهَا شَيخا جميلا هَيِّبًا، وَحَوله قومٌ يسمعُونَ من حَدِيثه، قَالَ: فجلستُ إِلَيْهِ فَسَأَلَنِي عَنْ حالتي، فَقلت: رجلٌ من أَهْل الْعرَاق قدِمتُ أريدُ وجْهَ اللَّه تَعَالَى والدَّار الْآخِرَة، فَقَالَ: رَزَقَك اللَّهُ حَيَاة طيِّبة ومنقلبًا كَرِيمًا، ثُمّ قَالَ لي: إِن لي إِلَيْك حَاجَة لَا تردَّني عَنْهَا، قُلْتُ: نعم، قَالَ: تتحول إليّ وتنزل عَليّ فَمَا كَانَ إِلا سَاعَة، ثُمّ نزلتُ برجلٍ قَدْ وَهْب اللَّه لَهُ قُوَّة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute