لما أخذتُ أَمَانًا ... إِلَّا من الإخوانِ
وَقَالَ ابْن الرُّومِي:
تَخِذْتكمُ ظهرا وعونًا لتدفعوا ... نبال الْعِدَا عَنِّي فصرتُم نِصَالُها
وَقد كنت أرجُو مِنْكُم خَيرَ صاحبٍ ... عَلَى حينِ خِذْلانَ اليمينِ شِمَالُها
فَإِن أَنْتُمُ لَمْ تحفظُوا لمودَّتي ... فكونوا كَفَافًا لَا عَلَيْهَا وَلَا لَهَا
قفوا موقف المَعْذور عنِّي بمعزلٍ ... وخَلُّوا نِبَالي والْعِدَا ونبالَها
وَمِمَّا يضارع هَذَا النَّوْع بعض المضارعة قَول ابْن الرُّومِي:
عَدُوَّكَ من صديقك مستفادٌ ... فَلا تستكثرنَّ من الصحابِ
فَإِن الداءَ أكثرَ مَا تَرَاهُ ... يكون من الطَّعَام أَو الشَّرَاب
وَأَعْجَبهُ هَذَا الْمَعْنى فَقَالَ:
عَدُوَّكَ من صديقك مستفادٌ ... فَلا تكثرن من الصَّديقِ
فَإِن الداءَ أكثرَ مَا تَرَاهُ ... يكون من الْمُسَوَّغ فِي الحلوقِ
وَهَذَا بَاب إِن استقصيناه طَال جدا وتجاوزنا بِهِ حدّ الْمجْلس الْوَاحِد من مجَالِس كتَابنَا هَذَا، وَلم يبن هَذَا الْكتاب عَلَى اسْتِيفَاء أَبْوَاب أَنْوَاعه، وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ موشحا ممتزجًا، بِمَنْزِلَة الحدائق الْمُشْتَملَة عَلَى أَنْوَاع مُخْتَلفَة، يَقع الْأنس بمشاهدتها، والالتذاذ بجناها، وَالِانْتِفَاع بثمرها.
وَقَول تَوْبَة: وأشرف بالقوزِ اليَفَاع، القَوْز: الْوَاحِد من أقواز الرمل وَهُوَ مَا علا وأشرف مِنْهُ، وَكَذَلِكَ اليفاع مَا ارْتَفع، وَقَالَ: أَيفع الْغُلَام فَهُوَ يافع إِذَا ارْتَفع، وَهُوَ من نَوَادِر أَبْوَاب الْعَرَبيَّة، لِأَنَّهُ جَاءَ عَلَى أفعل فَهُوَ فَاعل، وَله أَخَوَات مَعْدُودَة مِنْهَا: أورف الظل فَهُوَ وارف، وأورس الرمث فَهُوَ وارس، وَقد قَالَ النَّابِغَة:
كليني لِهَمٍّ يَا أميمةَ ناصبٍ ... وليلٍ أقاسيه بطيءِ الْكَوَاكِب
بِمَعْنى مُنْصب، كَمَا قَالَ فِي كلمة أُخْرَى:
تعنّاك همٌّ من أُمَيْمَة منصبُ
وَقَوله: أرى نَار ليلى أَوْ يراني بصيرها، أَي يراني المبصر بهَا، وَالْعرب تَقول: ليل نَائِم وسر كاتم أَي منوم ومكتوم، قَالَ جرير:
لَقَدْ لُمْتِنَا يَا أمَّ غَيْلان فِي السُّرى ... ونِمتِ، وَمَا ليلُ المَطِيِّ بنائمِ
وَمثل هَذَا كثير.
أعطنا حَقنا الَّذِي فِي هَذَا الْمُصحف
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى الصولي، قَالَ: حَدَّثَنَا القَاسِم بْن إِسْمَاعِيل، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن