نعيم: أَن واليًا كَانَ على الْيَمَامَة ولاه بِلَال بْن جرير بعض أَعماله، فَجَلَسَ يَوْمًا يحكم والخصوم جُلُوس إِذْ تمثل أحدثم:
وَابْن المراغة حَابِس أعياره ... مرمى القصية مَا يذقن بِلَالًا
وَلَا يشْعر أَنه من ذَلِك بسبيل، قَالَ فَقَالَ: أَيْن هَذَا الراوية:؟ قَالَ: هَا أَنا ذَا أصلحك الله، قَالَ: ادن أَنْت وخصمك، فدنوا قَالَ: هَلُمَّ أعد الْبَيْت، فغمزه إِنْسَان، فَقَالَ: أصلحك الله، وَالله مَا هُوَ إِلَّا شَيْء جرى على لساني وَمَا أردْت بذلك مَكْرُوها، فَقَالَ: هُوَ أشهر من ذَلِك، هَلُمَّ، فاحتجا.
كِتَابَة على قبر
حَدثنَا أَبِي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد الْخُتلِي قَالَ، حَدَّثَنَا عمر يَعْنِي ابْن مُحَمَّد بْن عبد الحكم النَّسَائِيّ، حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن بشير بْن سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ قَالَ: سَمِعت أَحْمَد بْن عَبد اللَّه الدينَوَرِي يَقُول: قَرَأت على قبر:
أَخ طَال مَا سرني ذكره ... فقد صرت أشجى لَدَى ذكره
وَقد كنت أغدو إِلَى قصره ... فقد صرت أغدو إِلَى قَبره
وَقد كنت دهري ضنينا بِهِ ... عَن النَّاس لَو مد فِي عمره
وَكنت إِذا جِئْت فِي جاجةٍ ... فأمري يجوز على أمره
فَصَارَ عَليّ إِلَى ربه ... وَكَانَ عَليّ فَتى دهره
أتم وأكمل مَا لم يزل ... وأنبل من كَانَ فِي عصره
أَتَتْهُ الْمنية مغتالة ... رويدا تخَلّل من ستره
فَلم تغن أجناده حوله ... وَلَا المسرعون إِلَى نَصره
أَشد الْبَريَّة وجدا بِهِ ... أجد الْبَريَّة فِي طمره
فَأصْبح يهدى إِلَى منزل ... تنوق ناعيه فِي حفره
تغلق بالترب أبوابه ... إِلَى يَوْم يُؤذن فِي حشره
وخلى الْقُصُور الَّتِي شادها ... وَحل من الْقَبْر فِي قَعْره
وَبدل بالعرش بسط الثرى ... وريح ثرى الأَرْض من عطره
أَخُو سفرةٍ مَاله أوبة ... غَرِيب وَإِن كَانَ فِي مصره
فلست مشيعه غادياً ... أَمِيرا يسير إِلَى ثغره
وَلَا متلقٍ لَهُ قَافِلًا ... بقتل عدوٍ وَلَا أسره
فَلَا يبعدن أخي هَالكا ... فَكل سيمضي على إثره