بِحَتِّ الْمِسْك مِنْ ... عِرْقِ الجَبِينِ بنَانُه وَلَعَا
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى الصولي، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يزِيد الْمبرد، قَالَ: صرت إِلَى مجْلِس ابْن عَائِشَة وَفِيه الجاحظ والجماز، فَسَأَلَهُ عِيسَى بْن إِسْمَاعِيل تينة: من أشعر المولدين؟ فَقَالَ: الَّذِي يَقُولُ:
كأنَّ ثَيَابَهُ أطلع ... ن من أزراره قمراً
يزيدك وَجهه حُسْنا ... إِذَا مَا زِدْته نَظَرَا
بِعَين خالط التفتي ... ر مِن أجْفَانِها الحَوَرَا
وَوَجْهٍ سَامِريٍّ إِذْ تَصَوَّب مَاؤُهُ قَطَرَا
يعْنى الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف.
فِي وَجهه شَافِع
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى الصولي، قَالَ: حَدَّثَنَا عليّ بْن يحيى، قَالَ: كنتُ وَاقِفًا بَيْنَ يَدي المعتضد وَهُوَ مقطب، فَأقبل بدرٌ فَلَمّا رَآهُ من بعيد تَبَسم وَأنْشد:
فِي وَجْهِهِ شافعٌ يمحُو إساءتَه ... من الْقُلُوبِ وَجِيهٌ حَيْث مَا شَفَعا
ثمَّ قَالَ لي: لِمَنْ هَذَا؟ قلت: يَقُوله الحكم بْن قَنْبَر الْمَازِنِيِّ الْبَصْرِيّ، قَالَ: أَنْشدني بَاقِي شِعره، فَأَنْشَدته:
لَهَفي عَلَى مَن أطار النَوْمَ فامْتنعَا ... وزَادَ قَلْبِي عَلَى أوجَاعِهِ وَجَعَا
كَأَنَّمَا الشمسُ من أعْطَافه لمعتْ ... حُسْنًا إِلَى البَدْرِ من أزراره طلعا
مستقبلُ بِالَّذِي يَهوَى وَإِن عَظُمَتْ ... مِنْهُ الْإِسَاءَة مَعْذُورٌ بِمَا صَنَعَا
فِي وَجهه شافعٌ يمحُو إساءتَه ... من الْقُلُوبِ وجيهٌ حَيْث مَا شَفَعا
قَالَ الصُّولي: وَأخذ هَذَا الْمَعْنى أَحْمَد بْن يحيى الْعرَاق الْكُوفِي فَقَالَ:
بَدَا فكأنّما قمرٌ
وَأنْشد الْبَيْتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ الصولي: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْد اللَّه حرمي الْكَاتِب، قَالَ: حَدثنِي أَحْمد بن يحيى الْعرَاق، قَالَ: خرجتُ من بَغْدَاد أُرِيد الْكُوفَة واكتريت حِمَارا فتألمتُ من ركُوبه، وَكَانَ مَعَ المكاري عدةٌ من الْحمير للكراء غَيْرَه، ففكرتُ فِي أَن أسأله إِبْدَاله لي بِغَيْرِهِ فابتدأ يُغَني:
بدا وكأنما قمر ... عَلَى أزراره طَلَعا
فقلتُ: أُعْلِمْه أنَّ الشّعْر لي حَتَّى يهل عَلَيْهِ إِبْدَاله حماري، فَقلت: لمن هُوَ؟ فَقَالَ: لمن أمه ألف مؤاجرة، جروالك جر، فَخفت وَالله أَن أزداد فيزيدني، وَمر بِي من الْحمار شدَّة.