ماصعه مماصعةً ومصاعًا مثل ضاربه مُضَارَبَة وضرابًا، وقاتله مقاتلة وقتالا وصارعه مصارعة وصراعًا.
وَمن المصاع، قَول الْأَعْشَى:
إِذا هنّ نازلن أقرانهن ... وَكَانَ الْمِصاعُ بِمَا فِي الْجُوَقْ
يصف جواري يلهون ويتلاعبن تضارباً بحليهن، وقَالَ الْقطَامِي:
تراهم يَغْمزُون من استركوا ... ويجتبنون مَنْ صدق الْمِصَاعَا
وَرُوِيَ عَنْ أَمِير الْمُؤْمِنِين عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب عَلَيْه السَّلام فِي التذكية. إِذا مَصَعت بذَنَبِها وَهُوَ من هَذَا، وَجَاء عَنْ بعض أَهْل التَّأْوِيل فِي الْبَرْق: " مَصْعُ ملكٍ " فِي مثل هَذَا الْمَعْنى.
وَفِي المَثَل الَّذِي ضربه مَالك بْن أَسمَاء لِلْحَجَّاج تأديبٌ وتنبيه، وَقِيَاس زتشبيه، وَيعْتَبر بِهِ ذَوُو اللب، وتتمكن حكمته فِي الْقلب.
وَمِمَّا يضارع هَذَا الْمثل مِمَّا أَتَى بِهِ الْحُكَمَاء عَلَى ألسن الْبَهَائِم: مَا ذكرمن أَن الْأسد كَانَ يلازمه ويحضر مَجْلِسه ذئبٌ وثعلب، وَأَن الْأسد وجد عِلَّةً فَتَأَخر عَنْهُ الثَّعْلَب أَيَّامًا فتفقده وَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالَ: مَا فعل الثَّعْلَب فَأَنا لَمْ أره مُنْذُ ثَلَاثَة أَيَّام مَعَ مَا عرض لي من الْمَرَض، فانتهزها الذِّئْب ليُغري بِهِ الْأسد وَيفْسد حَاله عِنْده، ويحمله عَلَى مكروهه، فَقَالَ: أَيهَا الْملك مَا هُوَ إِلا أَن وقف عَلَى عِلَّتِك حَتَّى استبدَّ بِنَفسِهِ وَمضى فِيمَا يَخُصّه من كَسبه ولهوه، وَبلغ الثَّعْلَب هَذَا فَوَافى الْأسد فَلَمَّا دخل عَلَيْه، قَالَ: مَا أخَّرك عنِّي مَعَ علَّتي وحاجتي إِلَى كونك بِالْقربِ مني، قَالَ: أَيهَا الْملك لما وقفت عَلَى الْعِلَّة الْعَارِضَة لَك لَمْ يَسْتقرّ بِي قَرَار، وَجعلت أجول وأجوب الْآفَاق إِلَى أَن وقفت عَلَى مَا يشفى الْملك من مَرضه، فَقَالَ: قَدْ علمت أنَّكَ لَا تفارق نصيحتي وَلا تخرج عَنْ طَاعَتي، فَمَا الَّذِي وقفت عَلَيْه مِمَّا أشْتَفِي بِهِ، قَالَ: تتَنَاوَل خُصَى ذِئْب، فَإنَّهُ يُبرئك حِين يستقرُّ فِي جوفك، قَالَ: أَنَا عَامل عَلَى هَذَا، وَخرج الثَّعْلَب فَجَلَسَ فِي دهليز الْأسد، ووافى الذِّئْب فحين وقف بَيْنَ يَدَيْهِ وثب عَلَيْه، فالتهم خُصْيتيه، فَخرج والدمُ يسيل وَيجْرِي عَلَى فَخذيهِ، فَلَمَّا مرَّ بالثعلب، قَالَ لَهُ: يَا صَاحب السِّروال الْأَحْمَر، إِذا جالست الْمُلُوك فَانْظُر كَيفَ تذكرُ حاشيتهم عِنْدهم.
وَقَدْ روينَا فِي بعض مجالسنا هَذِهِ أَنَّهُ قِيلَ لبَعض الْحُكَمَاء: مِمَّنْ تعلمت الْعقل؟ قَالَ: مِمَّنْ لَا عقل لَهُ، كُنْت أرى الْجَاهِل يفعل الشَّيْء فيضرُّه فأجتنبه.
يَا فَتى! أَلَسْت ظريفًا؟
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القَاسِم الأنبَاريّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَامر بْن عِمْرَانَ أَبُو عِكْرمة الضَّبِّيّ، عَنْ سُلَيْمَان بْن أَبِي شيخ، قَالَ: بَينا عبيد اللَّه بْن الْحَسَن بْن الْحَسَن ابْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب عَلَيْهِمَا السَّلام يطوف بِالْبَيْتِ، إِذْ رَأَى امْرَأَة تَطوف وتنشد:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute