للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَوْله: كَدَّحَتْ متنيه حملُ حناتم، كَقَوْل الشَّاعِر:

أرَى مَرَّ السِّنِينِ أَخَذْنَ مِنِّي ... كَمَا أخذَ السِّرارُ من الْهِلالِ

وَلِهَذَا نَظَائِر تُذكَرُ وتُشْرح عِلَلُها فِي مَوَاضِع أُخَر.

تمامُ شِعر الْكُمَيْت:

تصلُ اللِّقاحُ إِلَى النَّتَاجِ مَزِيَّةً ... لِحُقوق كوكبها وَإِن لَمْ يَحْقُقِ

غَيَّرْنَ عهدَك بالديار وَمن يَكُنْ ... رَهْنَ الْحَوَادِث من جديدٍ يَخْلُقِ

إِلا خَوالِدَ فِي المحلَّةِ بيتُها ... كالطَّيلَسَانِ من الرمادِ الأوْرَقِ

مُتَبَجِّحًا تَرَكَ الولائدُ رأسَهُ ... مثلَ السِّوَاكِ ودَمُّهُ كالْمُهْرقِ

دارُ الَّتِي تركتْك غيرَ ملومةٍ ... دنا فارع بهَا عَلَيْك وأشفق

قَدْ كنتُ قبلُ تَتُوقُ من هجرانِها ... فاليومَ إذْ شحط المزارُ بهَا تَقِ

والحبُّ فيهِ حلاوةٌ ومرارة ... سائلْ بِذَلِك من تَطَعَّمَ أَوْ ذُقِ

مَا ذاقَ بُؤسَ معيشةٍ ونعيمَها ... فِيمَا مضى أحدٌ إِذا لَمْ يعشقِ

من قَالَ رَبِّ أَخا الهموم وَلَم يبتْ ... غَرَضَ الْهُمُومِ ونَصْبِهِنَّ يؤرَّقِ

حَتَّى بلغ إِلَى قَوْله:

بَشَّرْتُ نَفْسِي إذْ رأيتُك بِالغنَى ... ووثِقْتُ حِين سَمِعْتُ قَوْلك لي: ثِقِ

فَأمر بِالْخِلَعِ عَلَيْه، فخُلِع عَلَيْه حَتَّى اسْتَغَاثَ، فَقَالَ: أَتَاك الْغَوْث، ارْفَعُوا عَنْهُ.

اعتذارٌ بليغٌ لَدَى الْمَأْمُون

حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن القَاسِم بْن جَعْفَر الكوكبي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الفَضْل الْعَبَّاس بْن الفَضْل الرَّبَعيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي وإِبْرَاهِيم بْن عِيسَى، قَالا: دخل مُحَمَّد بْن عَبْد الْملك بْن صَالِح عَلَى الْمَأْمُون - وَقَدْ كَانَتْ ضِياعُه حِيزَتْ وقُبضت - فَقَالَ: السَّلام عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَرَحْمَة اللَّه وَبَرَكَاته، مُحَمَّد بْن عَبْد الْملك بَيْنَ يَديك، سليلُ نِعْمَتك، وَابْن دَوْلتك، وغُصْنٌ من أغْصان دَوْحتك، أتأذنُ لي فِي الْكَلَام؟ قَالَ: نعم.

فَتكلم فَقَالَ: الحمدُ للَّه ربِّ الْعَالمين، وَلا إِلَه إِلا اللَّهُ ربُّ الْعَرْش الْعَظِيم، وَصلى اللَّهُ عَلَى مَلَائكَته المقربين، وعَلَى مُحَمَّد خَاتَمِ النَّبِيِّين، ونستميحُ اللَّه لحياطةِ ديننَا ودنيانا، ورعايةِ أقصانا وأدنانا ببقائك يَا أَمِير الْمُؤْمِنِين، ونسألُ اللَّهَ أَن يَمُدَّ فِي عمرك وَفِي أثرك من أعمارنا وآثارنا، وَأَن يَقِيكَ الأَذَى بأسْماعنا وأَبْصارنا، فَإِنّ الحقّ لَا تَعْفُو دياره، وَلا يتهدَّمُ مَسَارُه، وَلا يَنْبتُّ حبلُه، وَلا يَزُول ظِلُّه، مَا دمت ظلّ اللَّه فِي رَعيته، والأمين عَلَى عباده وبلاده.

يَا أَمِير الْمُؤْمِنِين! هَذَا مقامُ العائذ بظلِّك، الهاربُ إِلَى كَنَفِك وفَضْلِك، الفقيرُ إِلَى

<<  <   >  >>