ووضوح أَعْلَام نُبُوَّته، وَظُهُور جاهه عِنْد ربه، وَنحن نحمد اللَّه تَعَالَى عَلَى هدايتنا لتصديقه، وتوفيقنا للْإيمَان بِهِ، ونسأله أَن يثبتنا عَلَى التَّمَسُّك بملته، وَحفظ شَرِيعَته، ويعصمنا من مَعْصِيَته ويجعلنا من الفائزين يوْم الْحساب بولايته فيسعدنا بِرَفْع الدَّرَجَات بِشَفَاعَتِهِ إنَّه سميع الدُّعَاء، لطيف لما يَشَاء.
اللّحن فِي أُذُنه أوقع
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْد، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَر، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ أَمِير عَلَى الْكُوفَة من بني هَاشِم، وَكَانَ لحَّانًا فَاشْترى دورًا من جِيرَانه ليزيدها فِي دَاره، فَاجْتمع إِلَيْهِ جِيرَانه فَقَالُوا لَهُ: أصلحك اللَّه، هَذَا الشِّتَاء قَدْ هجم علينا فتمهلنا إِن رَأَيْت حَتَّى يقبل الصَّيف ونتحول، فَقَالَ: لسنا بِخَارِجيكُم.
قَالَ: ودعا يَوْمًا بِابْنِهِ وبمؤدبه، وَهُوَ عَلَى سطح فَمر ثوران فِي الطَّرِيق، فَقَالَ الْغُلَام: مَا أحسن هَذَانِ الثوران! فَلَمَّا نزلا من عِنْده قَالَ الْمُؤَدب للغلام: وَيحك! أهلكْتَني، فَقَالَ لَهُ الْغُلَام: هَذَا حمَار، وَلَو قُلْتُ هذَيْن الثورين مَا وَقع عِنْده موقعَا وستنظر مَا يَكُون؟ فَلم يلبث أَن جَاءَتْهُ خمس مائَة دِرْهَم وتَخْتُ ثيابٍ، فَقَالَ: كَيفَ رَأَيْت؟
تَخْرِيج قَوْلهم مَا أحسن هَذَانِ
قَالَ القَاضِي: أما قَول هَذَا اللحان الْجَاهِل: لسنا بخارجيكم يُرِيد بمخرجيكم، فَمن النَّوَادِر المضحكة الدَّالَّة عَلَى انحطاط منزلَة الْمُتَكَلّم وركاكاته. وأمّا قَول ابْنه: مَا أحسن هَذَانِ الثوران، فَلَيْس بلحن، وَإِن كَانَ الفصيح الْمُخْتَارِ خِلَافه، وَقَدْ رسمنا من القَوْل فِي هَذَا مَا يُوضح عَنْ علله ووجوهه فِيمَا بَيناهُ فِي وَجه قِرَاءَة من قَرَأَ: " إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ "، وَلا حَاجَة بِنَا فِي هَذَا الْموضع إِلَى التشاغل بِهِ.
حِيلَة عراقي فِي أَخَذَ جَارِيَة ابْن جَعْفَر
حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْر الْعُقَيْليّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَد بْن حمدون النديم، عَنْ أَبِي بَكْر الْعِجْليّ، عَنْ جمَاعَة من مَشَايِخ قُرَيْش من أَهْل الْمَدِينَة، قَالُوا: كَانَتْ عِنْد عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر جاريةٌ مُغنية يُقَال لَهُ عمَارَة، وَكَانَ يَجِدُ بهَا وجدا شَدِيدا، وَكَانَ لَهَا مِنْهُ مكانٌ لَمْ يَكُنْ لأحدٍ من جواريه، فَلَمَّا وَفد عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر عَلَى مُعَاوِيَة خرج بهَا مَعَه، فزاره يَزِيدُ ذَات يوْم فأخرجها إِلَيْهِ، فَلَمَّا نظر إِلَيْهَا وسَمِع غناءها وقعتْ فِي نَفسه، فأخذَهُ عَلَيْهَا مَا لَا يملكهُ، وَجَعَل لَا يمنعهُ من أَن يبوح بِمَا يجد بهَا إِلا مَكَان أَبِيهِ مَعَ يأسه من الظفر بهَا.
وَلَم يزل يكاتمُ النّاس أمرهَا إِلَى أَن مَاتَ مُعَاوِيَة وأفضى الْأَمر إِلَيْهِ، فَاسْتَشَارَ بعض من قَدم عَلَيْه من أَهْل الْمَدِينَة وعامةَ من يَثِق بِهِ فِي أمرهَا وَكَيف الْحِيلَة فِيهَا، فَقِيل لَهُ: إِن أَمر عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر لَا يُرام، ومنزلته من الْخَاصَّة والعامة ومنك مَا قَدْ علمت، وَأَنت لَا تستجيزُ إكراهه، وَهُوَ لَا يَبِيعهَا بِشَيْء أبدا، وَلَيْسَ يُغني فِي هَذَا إِلا الْحِيلَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute