قَالَ القَاضِي: قد ثَبت بِدَلِيل الْعقل والسمع أَن الراضي بِفعل المحسن شريك فِي إحسانه، والراضي بِفعل الْمُسِيء شريك فِي إساءته، من جِهَة الْمَدْح والذم، وَالْأَجْر والأثم. وَقد ذمّ الله تَعَالَى فِي كِتَابه من كَانَ من الْيَهُود فِي عصر نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإضافته قتل أَنْبِيَائهمْ إِلَيْهِم، وَإِن كَانَ الْمُبَاشر لذَلِك من تقدم من آبَائِهِم لرضاهم بِهِ وموافقتهم إيَّاهُم فِي دينونتهم بِمَا ضلوا فِيهِ وَكَفرُوا بِفِعْلِهِ وعصوا بارتكابه.
[حسن سياسة ملك]
حَدثنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْد قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِم عَن الْمَدَائِنِي قَالَ: بلغ بعض مُلُوك الطوائف حسن سياسة ملكٍ، قَالَ: فَكتب إِلَيْهِ يسْأَله أَن يفِيدهُ علم الَّذِي بلغ بِهِ ذَلِك، فَكتب إِلَيْهِ: لم أهزل فِي أَمر ولانهي، وَلَا وعدٍ وَلَا وعيدٍ، واستكفيت أهل الْكِفَايَة، وَأثبت على الْغناء لَا على الْهوى، وأودعت الْقُلُوب هَيْبَة لم يشنها مقت، وودا لم يشبه كذب، وعممت بالقوت ومنعت الْفضل.