واستقامة متصرفاتهم مَا لَا يخيل على من كَانَ لَهُ قلب ذكي ولب رَضِي. وَقد أصَاب الفضيل فِي قَوْله، وَأحسن ابْن الْمُبَارك فِي فعله، وَنحن نسْأَل الله تَعَالَى أَن يرزقنا معدلة أَئِمَّتنَا وإحسانهم، ويعطف علينا قُلُوبهم، ويمدهم بأيده، ويشد سلطانهم بكيده، ويوفقنا لطاعتهم وتأدية حُقُوقهم، وإخلاص النَّصِيحَة لَهُم، ومظاهرة أَوْلِيَائِهِمْ، وَجِهَاد أعدائهم.
عقبَة بْن سلم وَالشعرَاء
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القَاسِم الأنبَاريّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمَرْزُبَان قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أبي طَاهِر قَالَ، قَالَ أَحْمَد بْن بدر، حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِي قَالَ: مدح بشار عقبَة بن سلمٍ فَأعْطَاهُ عشرَة آلَاف دِرْهَم، ومدحه مَرْوَان بْن أَبِي حَفْصَة بالقصيدة الَّتِي يَقُول فِيهَا:
يَا وَاحِد الْعَرَب الَّذِي ... مَا فِي الْأَنَام لَهُ نَظِير
لَو كَانَ مثلك وَاحِد ... مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا فَقير
وَدخل أَبُو الشمقمق يَوْمًا على عقبَة بْن سلمٍ، وَهُوَ جَالس بَين بشار ومروان، فاستأذنه فِي الإنشاد فَأذن لَهُ فأنشده:
يَا عقب يَا عقب وقيت الردى ... يَا قَاتل الْبُخْل ومحيي الندى
إِن أَبَا عمْرَة قد زارني ... فشق سربالي وَقد الردا
فالطمه يَا عقب لنا لطمة ... إِذا رَآنِي فِي طَرِيق عدا
قَالَ: بِمَ ألطمه؟ قَالَ: بِخَمْسِمِائَة درهمٍ قَالَ: أَنا أَبُو الملد، ربحت عَلَيْك أَرْبَعَة آلَاف وَخَمْسمِائة دِرْهَم، ثمَّ قَالَ: أعْطوا شميمقاً خَمْسمِائَة دِرْهَم واحملوه على بقرة. قَالَ الْأَصْمَعِي: عقبَة بْن سلم يكني أَبَا الملد، وَهُوَ الَّذِي يَقُول لَهُ بشار: اسمل وحييت أَبَا الملد
[توجيهات نحوية]
قَالَ القَاضِي: قَول مَرْوَان بْن أَبِي حَفْصَة: لَو كَانَ مثلك وَاحِد بجوز فِيهِ مثلك وَمثلك بِالرَّفْع وَبِالنَّصبِ على الْحَال لِأَن صفة النكرَة إِذا قدمت عَلَيْهَا نصبت على الْحَال كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
لخولة موحشًا طلل ... يلوح كَأَنَّهُ خلل
وَقَالَ آخر:
وَالشَّر منتشرًا يَأْتِيك عَن عرض ... والصالحات عَلَيْهَا مغلقًا بَاب
الْعلَّة فِي نصب النكرَة إِذا قدمت أَن النَّعْت لَا يكون قبل المنعوت وَالْحَال مفعول فِيهَا، وَتقدم الْمَفْعُول وتأخره سائغان، وَقد يكون النصب بِأَن يَجْعَل خَبرا لَكَانَ.
صور شعرية محورها الْبَرْق
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى الصولي قَالَ حَدَّثَنَا عونُ بْن مُحَمَّد الْكِنْدِيّ قَالَ: وَعَدَني سُلَيْمَان بْن وهب وَهُوَ يزر للمهدي أَن يُوقع لي بإيعاز ضَيْعَة أَبِي فَأَبْطَأَ فِي ذَلِك، فَقلت لَهُ: