شَبَابًا وشَبِيبةً، وشَبَّ الفرسُ يَشِبُّ شِبَابًا وشُبُوبًا، وَقَوله: إِذا خبت يَعْنِي إِذا خمدت، يُقَال: خبت النَّار تخبو خَبُوًا إِذا سكنت، قَالَ الشَّاعِر:
وَمنا ضِرَار وابنماه وحاجبٌ ... مُؤَجِّجُ نيرانِ المكارمِ لَا الْمُخْبِي
وقَالَ آخر:
أَمن زَيْنب ذِي النَّارُ ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ مَا تَخْبُو
إِذا مَا خَمدَت يَلْقَى ... علينا المندَلُ الرَّطْبُ
وقَالَ الْقطَامِي:
وَكُنَّا كالحريقِ أصَاب غابا ... فيخبُو تَارةً ويَهِبُّ سَاعَا
وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى: " كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا " أَقْوَال، قِيلَ: إِن الْمَعْنى كلما سكنت، وَقيل الْمَعْنى كلما التهبت وتوقَّدت، وَجعلُوا هَذِهِ الْكَلِمَة من الأضداد، وَقيل: بل الْمَعْنى بِهَذِهِ الْجُلُود، والتأويل كلما خَبَت جُلُودهمْ.
وَشرح هَذَا يَأْتِي فِي كتَابنَا الْمُسَمّى " الْبَيَان الموجز عَنْ عُلُوم الْقُرْآن المعجز " إِن شَاءَ الله.
وَقَول: كُثَيِّر: إِنِّي أسْتَحيك، اللُّغَة الفصيحة إِنِّي أستحييك، قَالَ: قَالَ تَعَالَى: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يضْرب مثلا "، وقَالَ عز ذكره: " إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ، وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ " وللعرب فِيهِ لُغَة أُخْرَى بعد هَذَا وَهِي اسْتَحى يستحي كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
أَلا يَسْتَحي منَّا رجالٌ وتَتَّقِي ... محارمَنَا لَا يَبُوءُ الدَّمُ بالدَّمِ
وَنسب إسحاقُ الشّعْر الَّذِي ختم مَجْلِسه بِالْغنَاءِ فِيهِ إِلَى أَنَّهُ من الطَّوِيل، وَهُوَ كَمَا قَالَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يبين أَيّ نوع من الطَّوِيل هُوَ، فَرَأَيْت أَن أبيِّنَه وَأَقُول: إنَّه النَّوْع الثَّالِث مِنْهُ، وَهُوَ مَقْبُوض العَرُوض مَحْذُوف الضَّرْب مَا كَانَ مُطلقًا، وَمِنْه:
أقيمُوا بَنِي النُّعْمَانِ عنَّا صُدُورَكُمْ ... وإِلا تُقِيمُوا صاغرين الرؤسا
فَإِذا صُرِّع أَلْحقْتَ عَرُوضَه بضَرْبِه، فَصَارَت محذوفة بِمَنْزِلَتِهِ وَكَانَت فِي الْإِطْلَاق أتم وأطول مِنْهُ، فَمنْ مصرع هَذَا النَّوْع قَول امرىء الْقَيْس:
لمن طللٌ أبْقرتُهُ فَشَجاني ... كخط الزَّبُورِ فِي عسيبٍ يَمَانِ
وقَالَ أَيْضا:
أجَارَتَنَا إِن الْخُطُوبَ تَنُوبُ ... وَإِنِّي مقيمٌ مَا أَقَامَ عَسِيبُ
وَقبض فَعُولن الَّذِي قبل الضَّرْب من هَذَا الشّعْر، عَذْبٌ فِي الأسْمَاع من إِيرَاده سالما.
ابْن بيض يتَحَقَّق لَهُ حلمه
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القَاسِم الأنبَاريّ، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن بنان، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو الْكُوفِي، قَالَ: دخل حَمْزَة بْن بَيْض عَلَى يَزِيد بْن الْمُهَلّب يوْم جُمُعَة وَهُوَ يتأهَّبُ للمضيِّ إِلَى