ونحنُ مُوَرِّثُوه كَمَا وَرِثْنا ... عَنِ الْآبَاء إِن مِتْنا بنينَا
قَالَ: فَقَالَ هِشَام: للَّهِ دَرُّكَ يَا ابْن صَفْوَان، لقَدْ أُوتيتَ لِسَانا وعِلْمًا وبيانًا، فأكرمَهُ وأحسنَ جائزته وقَدَّمه عَلَى أَصْحَابه.
السَّبَب فِي عزل شريك بْن عَبْد اللَّه القَاضِي
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْقَاسِم الأنبَاريّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمَرْزُبَان، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْر العامري، حَدَّثَنَا مُصْعَب بْن عَبْد اللَّه الزُّبَيْريّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: تقدَّم إِلَى شريك بْن عَبْد اللَّه وَكيل لمُؤْنِسَةَ مَعَ خصمٍ لَهُ، فَجعل يستطيل عَلَى خَصْمه إدْلالا بموضعه من مُؤْنِسَة.
فَقَالَ لَهُ شريكٌ: كُفَّ لَا أَبا لَك فَقَالَ: أتقولُ هَذَا لي وَأَنا وكيلُ مُؤنسة؟! فأمَرَ بِهِ فصُفِعَ عَشْرَ صفعاتٍ فَانْصَرف يجْرِي وَدخل عَلَى مُؤْنِسَة وشَكَا لَهَا، فكتبتْ مُؤنِسَة إِلَى المهديِّ فعزل شَرِيكًا.
وَكَانَ قبلَ هَذَا بيسيرٍ قَدْ دخل شريكٌ عَلَى الْمهْدي، فَقَالَ لَهُ: مَا يَنْبَغِي لَك تَقَلُّدُ الْحِكم بَيْنَ الْمُسْلِمِين، قَالَ: وَلِمَ؟! قَالَ: لخلافك عَلَى الْجَمَاعَة، وقولك بِالْإِمَامَةِ.
قَالَ: أما قَوْلك: لخلافك عَلَى الْجَمَاعَة، فَعَن الْجَمَاعَة أخذتُ ديني، فَكيف أخرج عَنْهُمْ وهم أُصَلِّي فِي ديني؟ وأمّا قَوْلك: بِالْإِمَامَةِ، فَمَا أعرف إِمَامًا إِلا كتاب اللَّه وَسنة رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ، وَأما قولُك: مثلك لَا يَنْبَغِي لَهُ الحكم بَين المسليمن، فَهَذَا شيءٌ أَنْتُم فعلتموه فَإِن كَانَ خطأ فاستغفروا اللَّهَ مِنْهُ، وَإِن كَانَ صَوَابا فأمسكوا عَلَيْه.
قَالَ: مَا تقولُ فِي عليِّ بْن أَبِي طَالِب؟ قَالَ: مَا قَالَ عَنْهُ جَدَّاك الْعَبَّاسُ وعبدُ اللَّه قَالَ: وَمَا قَالا عَنْهُ؟
قَالَ: أما الْعَبَّاسُ فَمَاتَ وعليُّ عِنْده أفضل الصَّحَابَة، وَقَدْ كَانَ يرى كبراء الْمُهَاجِرين يسألونه عَمَّا ينزل من النَّوَازِل، وَمَا احْتَاجَ هُوَ إِلَى أحدٍ حَتَّى لحق بِاللَّه تَعَالَى، وَأما عَبْد اللَّه فَإنَّهُ كَانَ يَضْربُ بَيْنَ يَدَيْهِ بسيفين، وَكَانَ فِي حروبه رَأْسا مُتَّبعًا وَقَائِدًا مُطَاعًا، فَإِن كانتْ إمامةُ عليٍّ جَوْرًا لَكَانَ أوَّلَ من يقعدُ عَنْهَا أَبوك لعلمه بدين اللَّهِ تَعَالَى وفقهه فِي أَحْكَام اللَّه.
فَسكت المهديُّ وأطرق، وَلَمْ يَمْضِ بعد هَذَا الْمجْلس إِلا قليلٌ حَتَّى عَزَل شريك.
لَطِيفَة بَيْنَ خَالِد بْن عَبْد اللَّه وأعرابي قَصده
حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن الْقَاسِم الكوكبي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن كثير الْعَبْدِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْملك بْن قُرَيْب الْأَصْمَعِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَر بْن الْهَيْثَم، قَالَ: بَيْنَمَا خَالِد بْن عَبْد اللَّه بظَهْرِ الْكُوفة مُتَنَزِّهًا إذْ حَضَره أعرابيُّ، فَقَالَ: يَا أَعْرَابِي! أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ الْقرْيَة - يَعْنِي الْكُوفَة - قَالَ: وماذا تحاولُ بهَا؟ قَالَ: قصدتُ خَالِد بْن عَبْد اللَّه متعرِّضًا لمعروفه، قَالَ: فَهَل تعرِفُه؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَل بَيْنك وَبَينه قرَابَة؟ قَالَ: لَا، ولكنْ لِمَا بَلَغنِي من بَذْله