الأَنْصَارِيُّ فِي النَّفَرِ الَّذِينَ شَهِدُوهُ مِنْهُمْ حُجْرُ بْنُ الأَدْبَرِ وَمَالِكٌ الأَشْتَرُ فِي نفرٍ كُلِّهِمْ يَمَانٍ.
للْخَبَر دلَالَة على نبوة الرَّسُول قَالَ القَاضِي رَحمَه الله: فِي هَذَا الْخَبَر أكبر دليلٍ على نبوة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثُبُوت رسَالَته لإخباره من الْغَيْب بِمَا وجد على مَا وَصفه، وَهَذَا مِمَّا لم يُعلمهُ إِلَّا بِوَحْي من الله عز وَجل أَلْقَاهُ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيه مَا ينبى عَن فضل النَّفر الَّذين ولوا أمرة، و " ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ، وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " الْمَائِدَة: ٥٤.
يشكو وَالِي السماوة إِلَى عبد الْملك
حَدثنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دريدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَان الْمَازِني عَن التوزي عَنْ أبي عُبَيْدة قَالَ: ولي عبد الْملك بْن مَرْوَان صدقَات كلبٍ رجلا من بني أُميَّة، وَكَانَت الرّوم قد نَزَعته، وَكَانَ أشقر غضا، فَدخل أَعْرَابِي جلف جافٍ على عبد الْملك فِي جفة النَّاس، فَلَمَّا مثل بَين يَدَيْهِ قَالَ يَا إِنْسَان إِنَّك مُدبر مربوب، قَالَ: أجل فَمَا تشاءء؟ قَالَ: قد احْتَجَبت بِهَذِهِ المدرة وَوليت خطابنا أصهب غضا كالقرعوش طمطمانيًا أطومًا كَأَن وَجهه جهوة قردٍ قد قشر بصرها، وَكَأن فَاه سرم أتانٍ، قد قاشها عير فَهِيَ ترمز، إِن كشرت بسر، وَإِن خاطبت نهر، وَإِن تألفت زبر، فَلَا الْكَلَام مَدْفُوع، وَلَا القَوْل مسموع، وَلَا الْحق متبوع، وَلَا الْجور مردوع، وَلنَا وَلَك مقَام فِيهِ ينص الْخِصَام، وترجف الْأَقْدَام، وينتصف الْمَظْلُوم، وينعش المهضوم؛ هَا إِن ملكك هُنَاكَ زائل، وعزك حَائِل، وناصرك خاذل، وَالْحَاكِم عَلَيْك عَادل؛ فاكبأن عبد الْملك وتضاءلت أقطاره وترادت عبراته فِي صَدره، ثُمَّ قَالَ: لله أَبوك، أَي ظلم نالك منا حَتَّى أجاءك إِلَى هَذَا الْمقَال؟ قَالَ: ساعيك فِي السماوة، نَهَاره لَهو، ومقاله لَغْو، وغضبه سطو، يجمع المباقط ويحتجن المشائط ويستنجد العمارط، فَأمر عبد الْملك بِصَرْف الْعَامِل.
تَفْسِير أَلْفَاظ وَردت فِي الْخَبَر السَّابِق
قَالَ القَاضِي رَحمَه الله: الغضا الغتم، وَقَالَ ابْن دريدٍ القرعوش ولد البختيه وَهُوَ لَا ينجب وَلَا ينفع، والطمطاني: الْأَعْجَم، والأطوم: الَّذِي لَا يفهم وَلَا يفهم. وَإِنَّمَا أَخذ من جلد الأطوم وَهِي دَابَّة من دَوَاب الْبَحْر صلبة الْجلد، وَقَالَ قوم: هِيَ السلحفاة.
قَالَ القَاضِي: فِي السلحفاة لُغَتَانِ سلحفاة وسلحفية. وَقَوله: جهوة قرد: يُرِيد دبره وَمَا وَالَاهُ، وَكَذَلِكَ هُوَ لَك ذِي أَربع، وَرُبمَا اسْتعْمل فِي النَّاس. وَقَوله: قشر بصرها فالبصر قشر أَعلَى كل شَيْء. وَقَوله: قاشها أَي نزا عَلَيْهَا، والترمز التحرك، والمشائط: الْوَاحِد مشياط وَهُوَ الَّذِي يسْرع إِلَيْهِ السّمن، والمباقط المتفرقة، يُقَال بقط هَذَا أَي فرقه، والعمارط الْوَاحِد عمروط وَهُوَ الَّذِي لَا يرى شَيْئا إِلَّا اختلسه وَهُوَ اللص، والوأي: الْوَعْد، والترمز: التحرك؛ رُوِيَ عَن أَبِي حَاتِم عَن أَبِي عُبَيْدَة قَالَ: كَأَن رجل من بني تَمِيم خليعًا يُقَال لَهُ عُمَيْر بْن مَالك فَمَرض فَحَضَرَ نسَاء الْحَيّ يعدنه، فأطلن الْجُلُوس فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute