فَيَقْتُلُوهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ بِمَنْ كَانَ أَصَابَهُمْ مِنْ رِجَالِهِمْ، فَقَامُوا فَصَاحُوا بِمَكَّةَ وَقَالُوا: قَدْ جَاءَكُمُ الْخَبَرُ، هَذَا مُحَمَّدٌ إِنَّمَا تَنْتَظِرُونَ أَنْ يُقْدَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ، وَهَذَا الْكَلامُ كُلُّهُ مِنْ حَدِيثِ الْهَاشِمِيِّ، قَالَ: فَقُلْتُ: أَعِينُونِي عَلَى جَمْعِ مَالِي بِمَكَّةَ عَلَى غُرَمَائِي فَإِنِّي أُبَادِرُ خَيْبَرَ فَأُصِيبُ مِنْ فَلِّ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَنِي التُّجَّارُ إِلَى مَا هُنَاكَ، قَالَ: فَجَمَعُوا مَالِي كُلَّهُ كَأَحَثِّ جَمْعٍ سَمِعْتُ بِهِ، وَجئْت صاحبتني، فَقُلْتُ: مَالِي قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَنِي التُّجَّارُ، فَلَمَّا سَمِعَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْمُطَّلِبِ ذَلِكَ، حَتَّى وَقَفَ إِلَى جَنْبِي وَأَنَا فِي خَيْمَةٍ مِنْ خِيَامِ التُّجَّارِ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي حَدِيثِهِ: فَأَتَانِي الْعَبَّاسُ وَهُوَ كَالْمَرْأَةِ الْوَالِهَةِ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا حَجَّاجُ! مَا تَقُولُ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: أَكَاتِمٌ أَنْتَ عَلَيَّ خَبَرِي؟ وَقَالَ الْهَاشِمِيُّ فِي حَدِيثِهِ: فَقَالَ: يَا حَجَّاجُ! مَا هَذَا الَّذِي جِئْتَ بِهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: وَهَلْ عِنْدَكَ حِفْظٌ لِمَا يُوضَعُ عِنْدَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: اسْتَأْخِرْ حَتَّى أَلْقَاكَ عَلَى خَلاءٍ فَإِنِّي فِي جَمْعِ مَالِي كَمَا تَرَى، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي حَدِيثِهِ: وَقُلْتُ: فَالْبَثْ عَنِّي شَيْئًا يَخْفَ مَوْضِعِي، فَانْصَرَفَ عَنِّي حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَأَجْمَعْتُ أَمْرِي عَلَى الْخُرُوجِ لَقِيتُهُ فَقُلْتُ: احْفَظْ عَلَيَّ حَدِيثِي فَإِنِّي أَخْشَى الطَّلَبَ، قَالَ: أفْعَلُ قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ تَرَكْتُ ابْنَ أَخِيكَ عَرُوسًا عَلَى ابْنَةِ مَلِكِهِمْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي حَدِيثِهِ: خَلَّفْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ، وَخَلَّفْتُهُ عَرُوسًا عَلَى ابْنَةِ مَلِكِهِمْ وَمَا جِئْتُكُمْ إِلا مُسْلِمًا. وَقَالَ الْهَاشِمِيُّ فِي حَدِيثِهِ: وَلَقَدِ افْتَتَحَ خَيْبَرَ وَنَقَلَ مَا كَانَ فِيهَا وَسَاقَ وَصَارَتْ لَهُ وَلأَصْحَابِهِ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي حَدِيثِهِ: فَاكْتُمِ الْخَبَرَ ثَلَاث حَتَّى أُعْجِزَ الْقَوْمَ ثُمَّ أَشِعْهُ فَإِنَّهُ وَاللَّهِ الْحَقُّ. قَالَ الْهَاشِمِيُّ فِي حَدِيثِهِ: فَاكْتُمْ عَلَيَّ ثَلاثًا، وَمَا جِئْتُ إِلا لأَخْذِ مَالِي فَرَقًا مِنْ أَنْ أُغْلَبَ عَلَيْهِ، فَإِذَا مَضَتْ ثَالِثَةٌ فَأَظْهِرْ أَمْرَكَ، وَالأَمْرُ وَاللَّهِ عَلَى مَا تُحِبُّ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ لَبِسَ الْعَبَّاسُ الْحُلَّةَ وَتَخَلَّقَ ثُمَّ أَخَذَ عَصَاهُ وَخَرَجَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قُرَيْشٌ قَالَتْ: يَا أَبَا الْفَضْلِ هَذَا وَاللَّهِ التَّجَلُّدُ لِحَرِّ الْمُصِيبَةِ، قَالَ: كَلا وَمَنْ حَلَفْتُمْ بِهِ، لَقَدِ افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ فَنَزَلَ عَرُوسًا عَلَى ابْنَةِ مَلِكِهِمْ، قَالُوا: وَمَنْ جَاءَكَ بِهَذَا الْخَبَرِ؟ قَالَ: قُلْتُ: الَّذِي جَاءَكُمْ بِمَا جَاءَكُمْ وَلَقَدْ دَخَلَ عَلَيْكُمْ مُسْلِمًا وَأَخَذَ مَا لَهُ وَانْطَلَقَ فَلَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْحَبُهُ وَيَكُونُ مَعَهُ، قَالُوا: أَفْلَتَ عَدُوُّ اللَّهِ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْ عَلِمْنَا لَكَانَ لَنَا وَلَهُ شَأْنٌ، قَالَ: وَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ جَاءَهُمُ الْخَبَرُ.
وَقَالَ هَارُونُ فِي حَدِيثِهِ، قَالَ صَالِحٌ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ شَيْخٍ، قَالَ: لَمَّا أُخْبِرَ الْعَبَّاسُ يَوْمَ خَيْبَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ أَعْتَقَ غُلامَهُ الَّذِي خَبَّرَهُ، وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: فَلَمَّا سَمِعَ بذلك أَرَادَ أَنْ يَقُومَ فَلَمْ يَقْدِرْ، وَدَعَا بِابْنٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ قُثَمُ، وَكَانَ شَبِيهًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ يَرْتَجِزُ وَيُنْشِدُ، وَلأَعْدَاءِ اللَّهِ يَقُولُ:
ابْنِي قثمْ ... ذُو الأَنْفِ الأشمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute