النحويون أَن ذَا الرمة كَانَ يسميها تَارَة مية وَتارَة مي، وَهَذَا بَيْنَ فِي كثير من شعره، من ذَلِكَ قَوْله:
ديارُ ميةَ إذْ ميٌّ تساعِفُنا ... وَلا يَرى مثلَها عجمٌ وَلا عَرَبُ
وروى قَوْله:
فِيمَا ميّ مَا يُدريك أَيْنَ مناخنا ... معرقة الألحى يَمَانِية شَجرا
بِالرَّفْع وَالنّصب فَمن رَوَاهُ بِالنّصب فوجهه أَنَّهُ رُخِّم عَلَى قَول من قَالَ: يَا حارِ أقبل وَهُوَ أَقيس وَجْهي التَّرْخِيم، وَمن رَوَاهُ بِالرَّفْع فعلى أَن مي اسمٌ تامٌ غَيْر مرخّم، لِأَنَّهُ منادى مُفْرد وَقَدْ يجوز ترخيمه عَلَى قَول من قَالَ: يَا حارِ.
وَمِمَّا يُبِّين أَنَّهُ كَانَ يقْصد تَسْمِيَتهَا بمي عَلَى غَيْر التَّرْخِيم، قَوْله:
تداويتُ من ميٍّ بِتَكْلِيم ساعةٍ ... فَمَا زَاد إِلا ضَعْفَ مَا بِي كَلامُها
وَقَوله: جاريه أُمْلُود، مَعْنَاهُ: ناعمة كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
أرَيْتَ إِن جاءتُ بِهِ أُمْلُودَا ... مُرَجَّلا ويَلْبَسُ الْبُرُودا
وأمّا قَوْله وَإِذَا عَلَيْهَا سبٌ أصفر، فَإنَّهُ يَكُون الرِّداء والْخِمَار، قَالَ الشَّاعِر:
وأشهدُ من عَوْف حُلُولا كَثِيرَة ... يحجون سِبَّ الزِّبرقان الْمُزَعْفَرا
والسِّبُّ: الْخَيط، والسِّب أَيْضا الكفؤ فِي السباب كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
لَا تسببني فَلَسْتَ بِسِبِّي ... إِن سِبِّي من الرِّجالِ الكريمُ
وقَالَ الأخطل:
بني أَسد لستُم بِسبِّي فأقْصِرُوا ... ولكنما سبي سليمٌ وعامر
قَوْله: أونضا الدِّرْع سالبه، معنى نَضَاهُ: خَلَعَه، يُقَالُ: نضا السَّيْف من غِمده وانتضاه ونضا الثَّوْب عَنْهُ إِذا خلعه، قَالَ: امْرُؤ الْقَيْس:
فَقُمْت وَقد نضَتْ لنومٍ ثِيَابهَا ... لَدَى السِّتْر إِلا لُبْسة المتفضل
وَقَوله ومنطق رخيم، الرخيم الَّذِي فِيهِ تقطع يستحسن وَمثله قَوْله أَيْضا:
لَهَا بشرٌ مثلُ الحَرِير ومنطقٌ ... رَخِيمُ الحَوَاشي لَا هراءٌ وَلا نَزْرُ
وَمن هَذَا قَوْلهم: رخمت الدَّجَاجَة إِذا قطعت بيضها، وَمِنْه ترخيم الْكَلَام فِي الْعَرَبيَّة كَقَوْلِك: يَا حَار وَيَا مالِ، وَقَوله تَعلَّلَ جَادِبُه، الجادب: العائِب، وَمِنْه الْخَبَر " جَدب عمر السمر بعد الْعشَاء " أَيّ عَابَ السَّمَر وَكَرِهَهُ بعد الْعشَاء.
وَقَوله أَلا يَا اسلمي، مَعْنَاهُ: يَا هَذِهِ اسلمي، وعَلى هَذَا الْمَذْهَب قِرَاءَة من قَرَأَ " أَلا يَا اسْجُدُوا " وَمن هَذَا النَّحْو قَول الأخطل:
أَلا يَا اسلمِي يَا هِنْدُ هِنْدُ بني بدرٍ ... وَإِن كَانَ حيانا عَدِيّ آخر الدَّهْرِ
وقَالَ الآخر: