للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثَلَاثُونَ ألف نَاصِر، قَالَ فَقَالَ لي: أعرض عَلَيْهِ ثَلَاثَة أَشْيَاء، فَإنَّك لَو قطعت الزنديق مَا فعلهَا، قَالَ قلت: مَا هِيَ؟ قَالَ: فِي إصبعه خَاتم يخْتم بهَا، عَلَيْهِ مَكْتُوب: أَنا زنديق فَإِذا وافى خَاتمه بعض الزَّنَادِقَة قضى حَاجَة الرجل وَلَو كَانَ فِيهَا فَقده وتلفه، قَالَ قلت: فَإِن خرج مِنْهَا؟ قَالَ فَقَالَ لي: ادْفَعْ إِلَيْهِ ديكًا نبطيًا قلطيًا أصفر المنقار دَقِيق السَّاقَيْن أبح الصَّوْت حَتَّى يذبحه، قَالَ قلت: فَإِن خرج مِنْهَا؟ قَالَ: بقيت وَاحِدَة لَا يَفْعَلهَا زنديق أبدا، فَإِن فعلهَا فقد سلم وَهَلَكت أَنْت، وَإِن لم يَفْعَلهَا وَلَيْسَ يَفْعَلهَا أبدا فقد نجوت أَنْت وَهلك هُوَ، وَأعلم أَنِّي قد آمَنت بِاللَّه وصدقت النَّبِي وَالْمُرْسلِينَ، وَآمَنت بِكُل كتاب نزل وكل نبيٍ مُرْسل، وَأَن مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتم النَّبِيين وقائد الغر المحجلين إِلَى جنَّات النَّعيم، من صدقه نجا، وَمن كذبه هلك؛ قَالَ حَمْدَوَيْه: فَأخذت يَده وأخرجته حَتَّى أديته إِلَى منزله، ووهبت لَهُ دَنَانِير وَقلت لَهُ: أَنا آتِيك بالْخبر فِي غدٍ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فهات الْعَلامَة الثَّالِثَة، قَالَ: فَأخْرج إِلَيّ من جيبه خرقَة حريرٍ فِيهَا صُورَة سمجة جدا: حاجباها غليظان وأنفها مفلطح وفمها كَأَنَّهُ مشافر، قَالَ لي: قل لَهُ فليبزق على هَذِه الصُّورَة، قَالَ حَمْدَوَيْه فَقلت: وَمَا هَذِه الصُّورَة؟ قَالَ: هَذِه صُورَة ماني، قَالَ حَمْدَوَيْه: فَبت بليلةٍ كليلة الحبلى إِذا أَخذهَا الطلق، قَالَ: ثُمَّ غَدَوْت إِلَى السُّلْطَان، قَالَ: فَجَلَسَ على سَرِيره سَرِير الْخلَافَة قَالَ: وَغدا الكرخيون فَامْتَلَأَ الصحن، ثُمَّ قلت: يَا سَيِّدي إِن رَأَيْت أَن تحضر خصمي، قَالَ: فقوي قلب السُّلْطَان لقُوَّة كَلَامي، قَالَ فَقَالَ: الطَّوِيل الطَّوِيل، قَالَ: فَأتي بِهِ، قَالَ: فتشرف النَّاس، وَحَضَرت الْقُضَاة والعدول والمحدثون وَالْفُقَهَاء، قَالَ فَقَالَ لي الطَّوِيل: هَات مَا عنْدك يَا كَذَّاب، قَالَ قلت خاتمك، قَالَ: هَذَا خَاتمِي، قَالَ فَقلت لبَعض الْعُدُول: اقْرَأ مَا عَلَيْهِ، فَقَرَأَ ذَلِك أَنا ونديق، قَالَ فَقَالَ الطَّوِيل: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا الْعدْل أبكم من هَذَا الْكذَّاب، وَأعلم أَن لي صديقا فِي ذَلِك الْجَانِب يكني أَبَا زيد فنقشت على خَاتمِي أَبَا زيد ثق وجعلتها عَلامَة بيني وَبَينه لقَضَاء حوائجي، وَهُوَ باقٍ، قَالَ: فَنظر إِلَى الْخَلِيفَة فَقلت: عَلامَة أُخْرَى يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فأخرجت الديك وَقلت: فليذبح هَذَا، قَالَ فَقَالَ الْخَلِيفَة لَهُ: اذْبَحْ هَذَا، قَالَ فَقَالَ لَهُ الطَّوِيل: وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا ذبحت شَيْئا قطّ بيَدي، وَمَا أمتنع من ذبحه إِلَّا من ارتعاشٍ فِي يَدي، قَالَ فَنظر إِلَى الْخَلِيفَة فَقلت: عَلامَة أُخْرَى يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فأخرجت الديك وَقلت: فليذبح هَذَا، قَالَ فَقَالَ الْخَلِيفَة لَهُ: اذْبَحْ هَذَا، قَالَ فَقَالَ لَهُ الطَّوِيل: وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا ذبحت شَيْئا قطّ بيَدي، وَمَا أمتنع من ذبحه إِلَّا من ارتعاشٍ فِي يَدي، قَالَ فَنظر إِلَيّ الْخَلِيفَة وَقَالَ: يُمكن مَا قَالَ، فهات غَيرهَا، قَالَ: فأخرجت الصُّورَة قَالَ فَقلت لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: مره فليبزق على هَذِه الصُّورَة، قَالَ فَقَالَ لَهُ: أبصق على هَذِه الصُّورَة، قَالَ فَقَالَ: هَاتِهَا، قَالَ: فدفعتها إِلَيْهِ، قَالَ فَقَالَ: بِأبي هَذِه الصُّورَة، وَأمي هَذِه الصُّورَة، ثمَّ قبلهَا وَسجد لَهَا ووضعها على عَيْنَيْهِ وَبكى، قَالَ حَمْدَوَيْه: فَلَو طَار إِنْسَان فَرحا لطرت أَنا تِلْكَ السَّاعَة، قَالَ فَدَعَا الْخَلِيفَة بِصَاحِب الشرطة فَقَالَ: خُذْهُ وَاضْرِبْ عُنُقه فِي بَاب الطاق فِي رحبة الجسر، قَالَ: وَقَامَ السُّلْطَان، وَانْصَرف الْقَوْم والعامة تصيح بهم: رحم الله مُعَاوِيَة، رحم الله مُعَاوِيَة.

<<  <   >  >>