فأقول: لقد أبى الرجل إلَّا أن يختم بحثه بمثل ما تقدم له فيه من الجهل (١) أو التجاهل والمغالطة، ذلك أن الخلاف ليس في ما قاله الحافظ من القبول بعامة، وإنما في قبول من وثقه ابن حبان بخاصة، وأنه متساهل في التوثيق أم لا؟ وأن الذين وصموه به؛ أنصفوه أم لا؟!
وإن من أقوى ما يؤكد أن ابن حبان لا يدخل في قوله: "إذا كان أهلًا ... " أنه - أعني: ابن حجر - من الذين رموه بالتساهل كما أسلفت.
وكَتْمُ الدارانيِّ كلامَه الصريح في ذلك: من تمام جهله أو تجاهله، كما ذكرت في أول هذه المقدمة.
وإنما يقف الرجل هذا الموقف ليتظاهر بأنه محقق وغير مقلد للحفاظ، وليتخذه تُكَأَةً له في تصحيح مئات الأحاديث الضعيفة والمنكرة التي تدور أسانيدها على مجهولين ونحوهم، ممن وثقهم ابن حبان كما سأبين ذلك - إن شاء الله تعالى - في مواضعها؛ استعلاءً منه على شهادة الحفاظ عليه بالتساهل، ولا أريد أن أعطف على ذلك، فأقول: وعلى الحقائق العلمية الكثيرة المتقدمة التي تدينه بذلك؛ لاحتمال أن يكون جاهلًا بها، ولذلك فإني أرى من واجب البيان والنصيحة أن ألخص له تلك الحقائق - أو أهمها - هنا - لعله يَرْعوي عن عجبه وغروره، ويعيد النظر في تلك الأحاديث التي صححها، ثم أختم التلخيص
(١) لعله يعذرني بهذه الكلمة - وبحقِّ -؛ لأنَّي رأيته أطلقها على الحافظ الذهبي - بِبُطْلٍ -، كما سبق (ص ٣٥)؛ و (على نفسها جنت براقش)!!