"وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حزنًا غدا منه مرارًا لكي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ... ".
بل إنه - رحمه اللَّه - أوهم القراء أن الحديث صحيح بهذه الزيادة المنكرة؛ لأنه لما خرجه (١/ ١٧٤)؛ عزاه للبخاري، وأحمد، وفيه عندهما ما ينبه القراء على العلة، وهي قول الزهري:
"فيما بلغنا حزنًا غدا ... " إلخ.
فهي زيادة منقطعة، فهي لا تصح، كما كنت نبهت على ذلك في تعليقي على كتابي "مختصر صحيح البخاري"(١/ ٥)، فكان هو أولى بالتنبيه على ذلك، فقد تكلم كعادته على اختلاف النسخ والروايات في بعض الأحرف، وغير ذلك مما هو ثانوي بالنسبة لهذه الزيادة المنكرة، مثل شرحه لما فيه من غريب الحديث، حتى على لفظة (غدا) التي جاءت فيها!! فكان هذا كافيًا لتنبيهه على وجوب التنبيه عليها، ولكنها العجلة في التخريج، أو الغفلة التي لا ينجو منها باحث.
وعلى العكس من ذلك؛ سكت عن بعض الأحاديث مكتفيًا بتخريجها، وهي صحيحة؛ كحديث:"يا عثمان! إن الرهبانية لم تكتب علينا".
والمقصود: أنه إذا كانت دراسته لِـ "الصحيح" بهذا المقدار الهزيل من التحقيق والتدقيق؛ فهو لا يستطيع بداهة أن يصدر حكمًا عادلًا عليه، لا إفراط فيه ولا تفريط، وفي ظني أن الذي شجعه على ذلك الإفراط في الثناء: ما ذكره عن الحافظ من الوفاء بالشروط، وفي ذلك خطأ من ناحيتين:
الأولى: عزو ذلك إلى الحافظ؛ فإني لم أره مصرحًا به في صبعة "التدريب" التي عندي، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف.