للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المؤمنين، فهنئ بذلك، «وأما الثانية فإن كتاب ابني (٨) قدم علي بأنه فتح له بالأندلس فتح عظيم»، فأمر بكتاب ابنه فقرئ فهنئ بذلك، «أما الثالثة فما صحبتني في مقدمي هذا من الأموال والسبي من الأندلس»، فهنئ بذلك، وعلي بن رباح اللّخمي التابعي ساكت (٩) وكان علي راوية ابن عباس وأبي هريرة. فقال له موسى: «مالك يا علي لا تتكلم؟ » فقال: «أصلح الله الأمير، قد قال القوم» فقال:

«وقل أنت أيضا» فقال: «أنا أقول، وأنا أنصح القائلين لك، إنه ما من دار امتلأت حبرة (١٠) إلا امتلأت عبرة، وما انتهى شيء إلا رجع، فارجع قبل أن يرجع بك».قال: فانكسر موسى بن نصير وخشع. ثم التفت ففرق جواري (١١) عدة. فكان موسى بعد ذلك إذا مر بخربة عادية، أو مدينة من مدائن الأولين، نزل وركع ركعتين ومشى فيها وفكر في معالمها وفي آثارها ثم بكى بكاء كثيرا ثم يركب.

ذكر أن الناس قحطوا، فخرج موسى بالناس فاستسقى وأمر رجلا يصلي بالناس وخطب بهم ثم أخذ في الدعاء للوليد وأكثر، فأرسل إليه موسى: «إنا لم نأت لذلك، فاقبل على ما قصدنا إليه، وجلسنا من أجله»، فلم يلتفت إلى كلامه، وتمادى على حاله رجاء أن يبلغ ذلك الوليد فينال عنده منزلة، فأمر به موسى فسحب حتى أخرج من بين الناس، ثم قام موسى فأخذ في الدعاء والتضرع إلى الله عزّ وجلّ واللّجإ (١٢) إليه، فما برح الناس حتى أمطرت السماء بماء كأفواه القرب، قال: فأتي موسى بدابته فقال: «[لا] (١٣) والله لا أركب، ولكن أخوض في هذا الطين».

فانصرف ماشيا، ومشى الناس معه. قال: فسمع يومئذ وهو يقول: «أسألك شهادة في سبيلك، أو موتة في بلد نبيك»، يردّد ذلك. فاستجاب الله تعالى دعاءه، فتوفي بالمدينة متوجها إلى الحج، واستجاب الله عزّ وجلّ دعاءه ودفن بالمدينة. ونفعه الله عزّ وجل بموعظة أبي عبد الله بن رباح، فصغرت عنده الدنيا وما فيها ونبذها وانخلع مما كان فيه من الإمارة.


(٨) في الأصول: أبي. والمثبت من المصدرين المذكورين.
(٩) جاء في الأصل: نسخة «وعلي بن رباح اللّخمي التابعي ساكت».وفي نسخة «وأبو عبد الله ساكت».
(١٠) الحبرة: النعمة وسعة العيش. النهاية في شرح غريب الحديث (حبر).
(١١) في الأصل: جوائز. والمثبت من (م). وعبارة البيان: وفرق جواريه.
(١٢) كذا في الأصل. وفي (م): الالتجاء. ومعناها واحد.
(١٣) زيادة من (م).