للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا آكلا سمينا، حتى مات رحمه الله تعالى.

قال عبد الله بن الوليد (٣): «أصاب الناس ريح وظلمة، فخرج الناس إلى الجامع فوجدوه ساجدا وهو يبكي ويقول في سجوده: «اللهم احفظ‍ محمدا صلّى الله عليه وسلم في أمته، ولا تشمت بنا أحدا من الأمم، وإن كنت أخذت القوم (٤) بذنبي فهذه ناصيتي بين يديك» (٥).

وكان يقول في مناجاته: «إلهي، أسألك مسألة مدهوش بهره وقار جلالك، وأسألك حيرة لبيب حصرته (٦) رؤية إفضالك، وأسألك إطراق مفكر لا يدري ما الجواب وقد تقدم/إليه إعذارك، وأسألك إخبات خاشع قد ملك عقله إعظامك، وأسألك قلق الوجلين وروعة الخائفين وخلوة المستكينين، وأسألك دمعة مشربها (٧) من ماء معين، لا يفنى مددها، ولا تنفد مجاريها الأحزان، كمثل شجرة (أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) (٨).

وكان يقول (٩): «اللهم إن كنت تعلم أني أعبدك حبا لك وشوقا إلى رؤية وجهك الكريم في الجنة، فأبحنيه مرة في الجنة واصنع بي ما شئت».

وكان كثيرا ما يقول: «نزلنا حيث رحل الناس».

٨٤ - ومنهم أبو سليمان ربيع بن عبد الله الناسك (*)، رضي الله تعالى عنه.

كان من أهل الفضل والدين. تخلى عن الدنيا وتجرد منها وسلك طريقة أهل الصدق في الانقطاع إلى الله عزّ وجلّ، وكان كثير السياحة والتغرب عن الأوطان، وسكن «جبل اللّكام» (١) بالشام، وصحب الأبدال.


(٣) الخبر بهذا الإسناد في المعالم ٢٥٢: ١.
(٤) في (م): العوام.
(٥) تضيف رواية المعالم بعد هذا: «فلم يزل كذلك حتى سكن الريح وانجلت الظلمة».
(٦) في الأصل: حصره: حروفه مهملة. وفي (م): حضره. ثانيه معجم. وفي القاموس (حصر) الحصر-بالتحريك-ضيق الصدر، والعيّ في المنطق. وحصره: استوعبه.
(٧) في الأصل والمطبوعة: مسربها. ثانيه مهمل. والمثبت من (م).
(٨) اقتباس من الآيتين ٢٤ و ٢٥ من سورة ابراهيم.
(٩) النصّ في المعالم ٢٥٣: ١.
(*) مصادره: معالم الإيمان ٢٩٣: ٢ - ٢٩٤.
(١) هو امتداد لجبل لبنان عند المصيصة وانطاكية. مأوى للصالحين والعبّاد. ينظر معجم البلدان ٣٢٠: ٧ (مادة: لبنان)، ٣٣٦ (مادة لكام).