للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويقال إن [سبب] (٩) طلبه للعلم أنه صلّى إلى جانب سحنون «بحصن لمطة» (١٠).

فسلّم الإمام، وأطال واصل الدعاء بعد سلام الإمام، فقال له سحنون: «يا واصل، اطلب العلم خير لك» فلزم طلب العلم من ذلك الوقت. وكان سحنون يجله ويعظمه.

ولقد حدث أبو الحسن عليّ بن عبد الله القطان المعروف بابن الخلاف المتعبد أن واصلا (١١) قدم إلى القيروان، فهجّر إلى الجامع يوم الجمعة، فبينا هو في الصلاة إذ عرض له شيء من الفهم في القرآن (١٢)، فقال له سحنون: «وصلت والله يا واصل».

[ذكر فضله وصنوف من كراماته]

حدّث الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمد القابسي الفقيه، رضي الله تعالى عنه، قال: «ذكر (١٣) أن واصلا، رحمه الله تعالى، كان قبل أن يتعبد يتجر بحانوت له «بجمّة» بما يوزن ويكال، فأتته امرأة فساومته في شيء مما بين يديه، فجرى بينهما منازعة فقالت له: «كفى بك ما أنت فيه بين مكيال وميزان»، فقال لها:

«صدقتني (١٤) يا أمة الله».فألقى الله، عزّ وجلّ، في قلبه في الوقت ترك البيع والشراء، وقام عن الدكان من فوره وترك جميع ما كان فيه، ومضى كما هو إلى «قصر جمّة» فأقام فيه أياما ملازما للقبلة لا يفتر من صلاة وصيام ليلا ونهارا.

فلما (١٥) رآه أهل القصر على تلك الصورة، تبينوا فيه الضعف من كثرة العمل وعدم الغذاء، فكانوا يأتونه بعد المغرب بإفطاره، بشيء من خبز الشعير وبقل البرية، فغفلوا عنه ليلتين لم يأتوه بشيء لما طال ذلك عليهم. فلما كان في الليلة


(٩) زيادة يقتضيها السياق.
(١٠) عن «حصن لمطة» أو «قصر لمطة» وتحديد موقعه. ينظر: نزهة المشتاق ص ٣٠٣.
(١١) الخبر في المدارك ٢٠٠: ٤.
(١٢) يبدو أن شيئا سقط‍ من النصّ هنا. إذ جاء في المدارك بعد هذا: «استغرقه حتى خطب الامام وصلّى ولم يشعر. فسأله سحنون عن ذلك. فأخبره بما استغرقه. فقال له ... ».
(١٣) الخبر في المدارك ٢٠٠: ٤ بدون إسناد.
(١٤) في الأصول: صدقني. وأصلحها ناشر الطبعة السابقة: صدقت. والمثبت من المدارك.
(١٥) فصل عياض بين هذا النصّ وما قبله (المدارك ٢٠١: ٤ - ٢٠٢).