للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذكر الطبقة الخامسة من علماء القيروان وعبادها

وما يتصل بها من بعض مدنها ومراسيها

وأبدأ من هذه الطبقة بذكر أصحاب سحنون، رضي الله تعالى عنهم. فقد كان جمع الله، عزّ وجلّ، فيهم الفقه والدين والورع والتواضع والزهد. فمما ذكر عنهم أن شيبة (١) بن زنون تحدث فقال (٢): «عرست (٣) فدعوت ليلة عرسي جماعة من أصحابنا منهم أحمد بن نمير، فأتوني»، قال: «وكان فيمن دعوت شيخ (٤) من أهل المشرق- كان قدم علينا-من أصحاب أحمد بن حنبل. وكان الناس يسمعون منه العلم، وكان شيخا مسمتا نبيلا قلّما رأينا مثله».قال: «فكان أصحابنا في أول الليل في قراءة وتغبير (٥) وبكاء وخشوع، ثم أخذوا بعد ذلك في مسائل العلم والمناظرة فيها، ثم ابتدروا بعد ذلك زوايا الدار يصلون أحزابهم»، قال: «فنظر/الشيخ الذي من أصحاب ابن حنبل فقال: «من أصحاب من هؤلاء؟ .ومن معلمهم العلم؟ والله ما رأيت أحدا قط‍ أنبل من هؤلاء: أخذوا في أول الليل في قراءة القرآن والبكاء والخشوع، وبعد ذلك أخذوا يتناظرون في العلم، ثم بعد ذلك وثبوا إلى قيام الليل والتهجد بأحزابهم.

والله ما رأينا مثل هؤلاء قط‍، والله ولا يصحب (٦) هؤلاء رجلا إلا نبلوه وشرّفوه»، فقيل له: «هؤلاء أصحاب سحنون».


(١) في الأصل بدون إعجام. والمثبت من المدارك ٤١٥: ٤ - ٤١٦ وهو معدود في أصحاب سحنون. توفي سنة ٢٨٦.
(٢) في الأصل: قال.
(٣) الخبر في المدارك ٧٣: ٤ (ترجمة سحنون) وأسنده عن بعض أصحاب سحنون.
(٤) في الأصل: شيخا.
(٥) قرأها ناشر الطبعة السابقة: وتعبد. وكذا قرأها ناشر الطبعة الرباطية من المدارك. والصواب ما أثبتنا لأن التعبد سيرد ذكره بعد قليل. والتغبير هو إنشاد الاشعار الزهدية بشيء من التطريب. ينظر القاموس المحيط‍، أساس البلاغة (غبر)
(٦) في الأصل: ولا يصب. وقرأها ناشر الطبعة السابقة: ولا يصيب. وفي المدارك: ولا يصحبوا.