للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خنزير، فأسأل الله خيرها».قال سحنون: «فما لبثنا حتى أقبل رجل ومعه طبق مغطى بمنديل وفيه رطب من تمر تلك القرية، فجعله بين يدي ابن القاسم وقال له:

«ألا تأكل، أصلحك الله تعالى؟ » فقال له ابن القاسم: «ما لي إلى ذلك سبيل»، قال: «فأعطه أصحابك» فقال: «أنا لا آكله، [فكيف] (٣٠) أعطيه غيري» فانصرف الرجل، فقال ابن القاسم: «هذا تأويل الرؤيا يا أبا سعيد».قال: وكان يقال: إن تلك القرية أكثرها أحباس غصبت، فحماه الله عزّ وجل منها لتقاه ودينه.

قال: ومرضت بمكة، فكنت ربما جلست عند ابن القاسم وربما جلست عند أشهب وابن وهب، وربما جلس ابن القاسم مع أشهب في موضع واحد، وربما جلست مع أشهب وابن وهب. فجلست يوما مع ابن وهب فقلت له: «يشرب من هذا الماء؟ -وكان الماء حينئذ بمكة في جلود الطائف بجوار السواري يصب فيه الماء ويملأ ليشرب منه الناس-فأصابني عطش يوما فقلت له: «أشرب (٣١)؟ » فقال:

«لا» فقلت له: «أليس لي في فيء المسلمين سهم؟ ».فقال لي: «ليس هذا من فيء المسلمين، إنما هذا الماء مما يأخذونه (٣٢) من صدقات الأعراب، فمنه هذا الماء بمكة».

قال: «ولقد كنت أفتي أنه لا يحل شراء تمر مكة، لأنها كلها من الصدقات، حتى كثر فيها الحلال وأنشأ الناس فيها الحيطان، وصار الغالب عليها ذلك وإن كنت لأتقيه في خاصة نفسي، ولا أحب أن أضيق بذلك على الناس، فربما جاءني الرجل يستفتيني عن شرائه فأقول: «جائز».

ذكر أوصافه ومناقبه وفراسة العلماء فيه [وثنائهم عليه] (٣٣):

ذكر (٣٤) أن البهلول كتب إلى عليّ بن زياد كتابا عناية بسحنون أن يسمع عليه، وكتب إليه: «إني إنما كتبت إليك في رجل يطلب العلم لله عزّ وجل».قال: فلما قرأه قال لسحنون: «أين نزلت؟ » فأخبره. قال: فأخذ عليّ بن زياد الموطأ فأتى به إلى


(٣٠) زيادة للسياق.
(٣١) في الأصل والمطبوعة: تشرب. بضمير المخاطب. والصواب ما أثبتناه. لأن المتكلم هو سحنون.
(٣٢) في الأصل: يأخذوا.
(٣٣) زيادة من (م).
(٣٤) الخبر في المدارك ٤٧: ٤ والمعالم ٨٠: ٢.