للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعن عبد الله بن سعيد [بن] الحداد عن أبيه قال: «سمعت معمرا يقول:

دخلت على أسد فوجدته يبكي، فقلت له، «أمصيبة نزلت بك؟ » فقال: «لا، ولكنه جاءني من ابن القاسم كتاب يأمرني فيه أن أعرض كتبي على كتب سحنون، أفأعرض كتبي على كتبه وأنه رتبته؟ » (٥٨) قال: فقلت له: «أنت أهل لما أصابك، أفما عرفت إنما عرف ابن القاسم بك؟ ».فقال لي: «لا تفعل، لو رأيت ابن القاسم لعز عليك أن تقول هذا فيه».

وقيل: إن أسدا ضرب شيخا من شيوخ إفريقية (٥٩) معروفا بالعلم ومعرفة الحديث لما شهد عليه عنده في وقت ولايته القضاء أنه انتقص ابن القاسم، فضربه على ذلك ضربا عظيما. فهذا يدل على موالاته ومحبته فيه، رضي الله تعالى عنهم.

[ذكر فضله ومناقبه]

قال أبو جعفر القصري: كان أسد إمام العراقيين بالقيروان كافة، مشهورا بالفضل والدين، ودينه ومذهبه هو السنة، يقول: القرآن كلام الله عزّ وجلّ وليس بمخلوق، وكان يبدّع من يقول غير ذلك.

وكان يقول: «إن الله على العرش استوى بلا كيف ويرى في الأخرى كيف يشاء لا كما يشاء العباد»، ويكفّر من يمنع من ذلك.

وكان يقول: «والله لو أدخلت الجنة فحجبت عن رؤيته لشككت فيه، ولأنا أسر برؤية ربي مني بالجنة».

وكان-رحمه الله تعالى-يكفر بشرا المريسي (٦٠) ويتكلم فيه بأقبح الكلام، وبلغه أنه وضع كتابا وسماه «بكتاب التوحيد» فقال أسد: «أو جهل الناس التوحيد حتى يضع لهم بشر فيه كتابا؟ هذه نبوة ادعاها».قال أسد: ولقد هممت أن أختلف بألواحي إلى بشر فلم أفعل، فلما قدمت بلغني أنه تزندق وتعدى.

قال (٦١): وتحدث أسد بحديث فيه رؤية الله تبارك وتعالى في الآخرة، وسليمان


(٥٨) كذا في الأصل. وفي المدارك والمعالم: ربيته.
(٥٩) هو عباس بن الوليد الفارسي كما هو مذكور في المدارك ٣٠٠: ٣ - ٣٠١.
(٦٠) عن بشر بن غياث المريسي وعن مؤلفاته، ومنها كتاب «التوحيد» ينظر: معجم المؤلفين ٤٦: ٣.
(٦١) الخبر بنصّه وإسناده في الطبقات ص ٨٢ وبعضه في المدارك ٣٠١: ٣ - ٣٠٢.