للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكانت هي لا تقدر على الوصول إليه. فلما حضره الموت واشتدّ به الأمر وقرب منه ما بعد، قال لبعض من بحضرته: «امضوا إلى أختي فأتوني بها»، فمضوا إلى منزلها فأتوه بها. فلما وصلت أخبروه وقالوا: «أتدخل إليك؟ » فقال: «لا سبيل إلى دخولها، ولا أكون أول من أباح للنساء دخول الحصون (٧٦). اجعلوها عند باب القصر تبكي وتنوح حتى أسمعها».قال: فبكت وناحت حتى سمعها، فبكى ثم قال: «قولوا لها:

انصرفي، فالموعد بيني وبينك الآخرة» ثم توفي، رحمه الله تعالى.

أخبر بهذه الحكاية أبو الحسن بن الخلاف، فكان يقول: «عجبا، كيف أمرها برفع الصوت بالنواح؟ لعله إنما استخف ذلك وأباحه لأخته للحديث الذي جاء في «الموطأ» (٧٧) في دخول النبي صلّى الله عليه وسلم على عبد الله بن ثابت (٧٨) فوجده قد غلب عليه.

[فصاح به. فلم يجبه. فاسترجع رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقال: غلبنا عليك، يا أبا الربيع.

فصاح] (٧٩) النسوة وبكين فجعل جابر (٨٠) يسكتهن، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «دعهن، فإذا وجب، فلا تبكينّ (٨١) باكية».قالوا: «يا رسول الله، ما الوجوب؟ »، قال:

«إذا مات»، فقد أباح لهم صلّى الله عليه وسلم الصياح والبكاء عند احتضار المريض وقرب الموت منه».

وكانت وفاة واصل، رحمة الله عليه، سنة اثنتين وخمسين ومائتين.

قال أبو العرب (٨٢): وقبره بين يدي حوانيت الخياطين الذين بقرب القصر، جمع الله تعالى بيننا وبينه في جنته برحمته.


(٧٦) هذا غير صحيح أو قل غير دقيق. ينظر عن تخصيص جناح خاص بالنساء المرابطات في قصر المنستير: مسالك البكري ص ٦٣.
(٧٧) الحديث في الموطأ ص ١٦١: كتاب الجنائز، باب النهي عن البكاء على الميت ومن طريق مالك رواه أبو داود في سننه ١٨٨: ٣ رقم ٣١١١ وكذا النسائي في سننه ١٣: ٣ - ١٤.
(٧٨) في الأصل: عبد الله بن عتيك. وهو وهم. وعبد الله بن عبد الله بن عتيك هو الذي يروي عنه مالك. أما الذي كان دخول النبيّ صلّى الله عليه وسلم عليه، فهو عبد الله بن ثابت الأنصاري، أبو الربيع. وهو ما أجمعت عليه مصادر الحديث وينظر: أسد الغابة ١٨٩: ٣ - ١٩٠.
(٧٩) تكملة لنصّ الحديث كما جاء عند رواته في الموطأ وبقية المصادر. ينظر التعليق رقم ٧٧.
(٨٠) في الأصل: عمر. والمثبت من المصادر. وجابر بن عتيك الأنصاري الأوسي، من كبار الصحابة الأنصار. توفي سنة ٦١.ينظر الحديث في ترجمته من أسد الغابة ٣٠٩: ١.
(٨١) كذا في الأصل والمصادر. وأصلحها ناشر الطبعة السابقة: تسكتن.
(٨٢) لم يرد لواصل ترجمة أو خبر في النسخة المطبوعة من طبقات أبي العرب.