للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثالثة، بعد صلاة العشاء الآخرة، إذا بضارب يضرب باب القصر عليهم، فتشرفوا (١٦) من أعلى القصر وقالوا: «من أنت؟ » فقال لهم: «أنا غلام فلان» - فسمى رجلا (١٧) مذكورا بالخير- «أرسلني مولاي بطعام إلى الشيخ واصل، وقال لي: إن أنت وصلت (١٨) إليه في هذه الليلة بهذا الطعام وأكل منه فأنت حر لوجه الله عزّ وجلّ».ففتحوا باب الحصن في ذلك الوقت، خلاف عادتهم (١٩)، رغبة منهم في عتق الغلام، فإذا مع الغلام حمل بغل موقر، عليه من أصناف الأطعمة والحلوى [شيء كثير] (٢٠). فأتوا بذلك إلى واصل، فمد يده إلى شيء منه فأكل، وقال للمرابطين: «افترقوا (٢١) جميعه فيما بينكم» ولم يدخر منه شيئا. فقال بعضهم [لبعض] (٢٢): «أبيتم أن تطعموه خبز الشعير وبقل البرية، وهو أطعمكم هذا الطعام الطيب الذي لا تعرفونه ولا نقدر على مثله (٢٣)».

فمن تلك الليلة عرف القوم فضل واصل وموضعه من العبادة، ثم بانت بعد ذلك كراماته وإجابة دعوته.

قال أبو الحسن بن الخلاف المتعبد-وكان يحب أخبار واصل ويثني عليه- قال: «أخبرني أبو ميسرة (٢٤) عن سعيد بن الحداد أن (٢٥) واصلا أقام أربعين سنة لم يدخر شيئا من الدنيا، وإنه ليقيم الأيام لا يطعم شيئا، فإذا جهد خرج إلى الحمى فيجمع شيئا من بقول الأرض يقتات (٢٦) به ثم يعود إلى مصلاه».


(١٦) كذا في الأصل: وأصلحها ناشر الطبعة السابقة: أشرفوا. وفي القاموس (شرف): تشرف عليه: اطّلع من فوق.
(١٧) في الأصل: رجل.
(١٨) في المدارك: إن أوصلته.
(١٩) عبارة المدارك: وكانت الحصون لا تفتح بالليل.
(٢٠) زيادة يقتضيها السياق. وعبارة المدارك أكثر تفصيلا في هذا الموضع ونصّها: «فاذا ببغل عليه حمل فيه دجاج، وفراخ، وسنبوسج، وعجج، وحلوى، وجرادق».
(٢١) كذا في الأصل. وفي المعجم الوسيط‍ (فرق) فرق الشيء وفرقه: قسمه. ورواية المدارك: أقسموا.
(٢٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٢٣) وردت مثل الحكاية في ترجمة أبي الفضل الغدامسي من الرياض الثاني (ترجمة رقم ٢٦٤).
(٢٤) ابو ميسرة احمد بن نزار الفقيه من اعلام الرياض الثاني [وفيات ٣٣٧].
(٢٥) الخبر في المدارك ١٩٩: ٤.
(٢٦) في الأصل: ما يقتات. والأولى حذف الحرف «ما».