للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال أبو محمد عبد الله بن وهب، رحمه الله تعالى: إن سبب (٥) ولايته القضاء أن سليمان بن عبد الملك، لما أفضت إليه الخلافة، وجه رجلا ثقة عنده يقبض خراج إفريقية، وكان عاملها عبد الله بن موسى بن نصير، وكتب إليه يأمره أن لا يوجه بما حصل من ذلك إلا مع عشرة عدول من أهل القيروان يصحبون المال حتى يصل إليه، ويشهدون عنده أن هذا المال أخذ من وجهه، فامتثل عبد الله ما أمره به سليمان. وحصل جميع ذلك ووجه به مع عشرة ثقات منهم عبد الله بن المغيرة، فلما وصلوا بالمال إلى سليمان قال لهم سليمان: «أأخذ هذا المال من وجهه؟ » قالوا: «نعم يا أمير المؤمنين»، وعبد الله بن المغيرة ساكت لم يتكلم بشيء ورعا منه وخوفا من الله عزّ وجلّ. وكان عمر بن عبد العزيز حاضرا في ذلك المجلس، فلما سمع كلامهم حفظها عمر بن عبد العزيز له وعلم أنه إنما منعه من الكلام الورع والخوف من الله عزّ وجلّ أن لا يتكلم إلا بحق. فلما انصرف القوم من المجلس، سأل عمر بن عبد العزيز عنه فعرفوه به وذكروا له دينه وفضله وورعه فحفظ‍ ذلك له. فلما أفضت الخلافة إليه ولاه حينئذ قضاء إفريقية وتقلده للمسلمين، رضي الله تعالى عنهما. وأقام على القضاء إلى زمان كلثوم بن عياض؛ فلما ولى كلثوم استعفى من القضاء وولى بعده عبد الرحمن ابن عقبة الغفاري (٦).


(٥) الخبر في المعالم ٢١٠: ١.
(٦) تضيف رواية المعالم: وذلك سنة ثلاث وعشرين ومائة. وينظر عن عبد الرّحمن بن عقبة الغفاري: تاريخ إفريقية والمغرب ص ١١٣ - ١١٤.