للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واختلف فيمن عقد له القضاء على إفريقية، فقيل: هارون الرشيد، وكتب له بذلك كتابا، وقيل: بل عقد له بذلك أمير إفريقية روح بن حاتم، واتصل ذلك بالخليفة فأقره. وأذكر ما روي لي في ذلك ليصحّ عند قارئه ومستمعه:

ذكر (٥١) أن أبا عثمان حاتم بن عثمان المعافري كان صديقا لابن غانم، وكان قد رحل معه إلى مالك وسمع منه. فجلس أبو عثمان يوما مع أناس (٥٢) فتكلموا في ولاية ابن غانم، فقال بعضهم: لم تكن من أمير المؤمنين وإنما كانت من المسوّدة (٥٣)، - يعنون الجند-وروح بن حاتم. فقال أبو عثمان: «امرأته طالق ثلاثة (٥٤) ورقيقه أحرار (٥٥) إن كان ولاه إلا أمير المؤمنين».ثم إن [أبا] عثمان (٥٦) أتى إلى ابن غانم فأخبره الخبر. فقال له ابن غانم: «كم صداق زوجتك التي تزوجتها [به] (٥٧)؟ » قال: «مائتا (٥٨) دينار» قال: «وكم ثمن مماليكك عليك؟ » قال: «مائة دينار» قال: فدعا ابن غانم بكيس، فعد لأبي عثمان ثلاثمائة دينار وقال: «خذها يا أبا عثمان، فقد بانت منك امرأتك وعتق عليك عبيدك».فهذا دليل على أن أمير المؤمنين لم يولّه القضاء. وانتهى من فضله إلى أن كاتبه الخليفة فصارت ولايته كأنها من قبله، إذ أجازها وأمضاها.

وذكر (٥٩) ابن أبي حسان، قال: مضيت مع ابن غانم إلى منزله الذي


(٥١) في الأصل: وذكر. والخبر في الطبقات ص ٤٣ - ٤٤ والمعالم ٢٩١: ١ - ٢٩٢، والمدارك ٦٨: ٣.
(٥٢) في الأصل: إياس. والمثبت من المعالم. وفي الطبقات: ناس.
(٥٣) يعني الجند العباسي. وقد سمّي أنصار الدولة العباسية: «المسوّدة» لاتخاذهم اللّون الأسود في شاراتهم وملابسهم الرسمية.
(٥٤) في الأصل: بليلة (بدون إعجام). وقرأها ناشر الطبعة السابقة: بليلته. والمثبت من الطبقات والمدارك والمعالم.
(٥٥) كذا في الأصل والمصادر. وهو يقصد: «امرأتي طالق ... ورقيقي أحرار.»
(٥٦) من المصادر.
(٥٧) زيادة من الطبقات والمعالم.
(٥٨) في الأصل: مائة. والمثبت من المصادر. وينظر ما يأتي من قوله: «فعد لأبي عثمان ثلاثمائة دينار».
(٥٩) الخبر في تاريخ إفريقية ص ٢٢٩، والمعالم ٢٩٢: ١ - ٢٩٣، بنفس الإسناد.