للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحدث بعض المشايخ، قال: كنت عند بشير المنستيري فأتى شاب من أهل القيروان فصلّى بهم قيام رمضان، فلما كانت ليلة الفطر تنهد الشاب، فقال له بشير:

«مالك؟ » فقال: «فكرت في والدي في هذه الليلة» فقال له بشير: «يا عدو الله، تركت أعمال البرّ معك في بيتك سرا، وجئت تطلب البرّ علانية؟ والله لو علمت ما صلّيت وراءك (٥)».

قال ابن الحداد: وكانت له قريحة جيدة في العلم، وكان يحسنه، إلا أن العبادة غلبت [عليه] (٦).

وكان ملوك إفريقية يأتونه إلى بيته بالمنستير فلا يخرج [إليهم] (٦).

وكان قد حج ودخل الشام وطرسوس ولقي جماعة من الصالحين وانتفع بهم.

وقال، رحمه الله تعالى: «كنت بطرسوس، وكان بها رجل من أهل خراسان، وكان من المبرزين في الفضل، إنما يلبس جبة صوف مرقعة أكثرها جلود، فأتاه كتاب قاضي خراسان بوفاة والده وأنه خلف نعمة كثيرة وأموالا ورقيقا، ويسأله في كتابه أن يقدم، فلم يفعل؛ وجاءه كتاب ثان (٧) بمثل ذلك، فلم يرد جوابا (٨)، ثم جاءه كتاب ثالث يحرج (٩) عليه في المقام»، قال: «فمضى وتصدق بجميع ما ترك والده ورجع على حالته التي خرج بها».


(٥) وردت هنا في الأصل فقرة نصّها: «وقال أبو بكر بن خلف التجيبي «كان بشير المنستيري هذا من المتعبدين الزهاد المنقطعين الى الله عزّ وجلّ» ونظرا لتقدمها في صدر الترجمة رأينا حذفها هنا والاكتفاء بها هناك.
(٦) زيادة يقتضيها السياق.
(٧) في الأصل: ثاني.
(٨) في الأصل: جواب.
(٩) كذا في الأصل: ثانيها حاء مهملة. وقرأها ناشر الطبعة السابقة بالخاء المعجمة. والصواب ما أثبتنا. وفي أساس البلاغة (حرج): حلف فلان بالمحرجات، وهي الايمان التي تضيّق مجال الحالف. ونلاحظ‍ أن كلمة «المقام» غير واضحة في الأصل. وربما صحّت قراءتها: «القيام».فيكون المراد القيام الى القاضي والنهوض إليه.