للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان (١٦) البنّاء يعرف بعبد الله بن مالك من «قرية بني عمروس».وكان بقرية «البرج» التي «بقصر زياد» شيخ فقيه (١٧) اسمه «مسعود»، رأى في المنام كأنه وزن مع عبد الله بن مالك البنّاء، فرجح عليه عبد الله بن مالك، فقال له مسعود: «بماذا رجحت عليّ وأنا أطلب العلم وسمعت وصحبت العلماء؟ » فقال له عبد الله: «رجحت عليك ببنيان هذه الصومعة»، وأشار إلى «صومعة قصر زياد».

قال (١٨): وكانت عند عبد الرحيم ضيعة واسعة، وكان عنده سبعة عشر ألف شجرة زيتون، وكان مع هذا أزهد أهل زمانه. وكان كثير الصدقة والمعروف، لم يكن للدنيا عنده قدر: لقد ذكر عن عيسى بن مسكين أنه قال: «كان لعبد الرحيم أخ يقال له «هاشم» من أهل الفضل والعبادة، أتاه يوما بسبعين دينارا من ضيعته فأقامت عنده مدة يسيرة، ثم أتاه أخوه فقال له عبد الرحيم: «جئتنا بشيء؟ » فقال له: «أين السبعون (١٩) دينارا التي دفعت إليك؟ » [] (٢٠) وجرّ بيده على الحصير فقال له عبد الرحيم: / «قليلا، قليلا! (٢١) لا تعفّر (٢٢) يدك الحصير! ».فعلم أنه تصدّق بها، فأخلف له غيرها.

وذكر (٢٣) عنه أنه ما تزوج قط‍ ولا تسرى. وكانت عنده وصيفتان مولدتان لهما جمال تقومان به وتخدمانه، فقيل له: «لم لا تتخذ إحداهما سرية لك؟ فإنهما تصلحان لذلك»، فحلف أنه لا يعرف صفة وجهيهما (٢٤) لشغله بعبادة ربه عزّ وجل.

قال أبو بكر عتيق بن خلف: «كان (٢٥) عبد الرحيم إذا جنّ الليل قام إلى محرابه، فهو راكع وساجد إلى أن ينادى بالفجر. وكان السهر قد غيره حتى كأنه مبهوت من


(١٦) في الأصل: فكان.
(١٧) في الأصل شيخا فقيها.
(١٨) النصّ بعضه في المدارك ١٩٧: ٤ - ١٩٨.
(١٩) في الأصل: السبعين.
(٢٠) كلمة بالأصل قد ذهب السوس ببعض حروفها فلم تتمكن من قراءتها.
(٢١) في الأصل: قليلا، قليل، وهو يريد: مهلا، مهلا، رويدا، رويدا.
(٢٢) في الأصل: لا تعقر-بالقاف-ولعلّ الصواب ما أثبتنا.
(٢٣) النصّ في المدارك ١٩٧: ٤.
(٢٤) في الأصل والمدارك: وجوههما.
(٢٥) النصّ في المدارك ١٩٤: ٤.