للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فخرج من باب الجامع الشرقي فصحبه نحو سبعين رجلا من المتعبدين، فتوجهوا إلى قصر إبراهيم، فملئوا الفضاء الذي بين يدي القصر مع من تبعهم، فوجدوا الأمر الذي يكرهونه قائما من اللهو والعزف، فقيل لهم: «ما تريدون؟ » قالوا: «نريد الأمير لنجتمع به» فقيل لهم: «الأمير في شغل، لن تصلوا إليه في يومكم» فقالوا له:

«عرفوه أنا لا نبرح من هنا حتى نجتمع به» فدخل الحاجب إلى الأمير فقال: «شيوخ سوسة كلهم بالباب، وأرادوا الاجتماع بك» فقال له: «أو يمكنني الاجتماع بهم وأنا على هذه [الحال] (٥٠)؟ ألا اعتذرت لهم عني؟ » فقال: «اعتذرت فلم يقبلوا عذري وقالوا: لا نبرح حتى نرى الأمير» فقال له: «اخرج إليهم فانظر ماذا طلبوه نفذه لهم» فخرج الحاجب إليهم فقال: «إن الأمير أمر بتنفيذ ما تحبون، لأنه على حال لا يمكن الاجتماع بكم» فقالوا: «نحن إنما جئنا إلى هذه المدينة وسكناها لله الواحد القهار، وقد أحدثت علينا هذه الأمور من اللهو والعزف، فإما أن يقطع عنا هذا الأمر وإلا فنحن نخرج عنه وأرض الله واسعة».فعاد الحاجب إلى الأمير فأخبره، فقال للحاجب: «ارجع إليهم فقل لهم: لن تروا ما أنكرتموه بعد هذا»، فانصرفوا.

وخرج هو إلى «قبة الرمل» فكان يخلو فيها بما يحب، فإذا قضى وطره رجع ليلا إلى قصره.

وكانت مدينة «سوسة» في ذلك الوقت ليس بها شيء من المنكر: لا خمر ولا لهو ولا عزف، وإنما كان أهلها مشتغلين بالحرب والحرز (٥١) على المسلمين والمسلمات وقيام الليل وصيام النهار.


(٥٠) زيادة من (م).
(٥١) في (م): الحرس.