للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذكر عنه أنه قيل له في علته التي مات فيها: «لو تعالجت؟ » فرفع رأسه إلى السماء وقال: «إلهي وسيدي، قد أعطيتك من نفسي عهدا أني لا أخالفك أبدا»، ثم حول وجهه إلى الحائط‍ وقال: «آه، وا شوقاه إلى حبيب إذا غضب عفا وإذا رضي شفى».

[قال أبو عقال] (٥): «فلما احتضر وضع رأسه في حجري ودموعه تنحدر وشفتاه تتحركان (٦)، فنظر إليّ وأنا أبكي فقال لي: «يا أبا عقال، لم تمر أعمال القوم باطلا.

نزل (٧) كل واحد على ما عمل»، ثم فاضت نفسه».

وكان يسأل الله عزّ وجلّ أن يجعل قبره بالبقيع.

قال عمران بن حفصون: كنت في حلقة حماس بن مروان القاضي (٨) حتى دخل عليه رجل عليه مرقّعة صوف، فقام إليه وأجلسه موضعه وحوّل وجهه إليه. ثم جلس معه ساعة وخرج، فقام حماس معه فقال له: «يا سيدي لا تفعل» فقال: «هذا فرض عليّ».فقال له الطلبة وابنه (٩) سالم: «يا سيدنا، من أين هذا الرجل؟ » فقال لهم: «هذا أبو هارون الأندلسي، وهو مجاب الدعوة، وهو من الأبدال ترجى بركة دعائه. يا بني الحقه وخذ بحظك منه».

فلحقه سالم فدفع إليه خمسة دنانير ودراعة وجبة صوف ومنديلا وسراويل (١٠). ثم أعلم أباه بذلك، فلما كان من الغد دخل إليه فقال له: «يا سيدي، رأيته كما كان أول مرة في مرقّعته الصوف وفي العباءة التي كان فيها»، فقال له حماس: «يا بني، ذاك من الأبدال يتأسى «بأهل الصّفة»، لا تبيت معه بيضاء ولا حمراء (١١) ولا


(٥) زيادة يقتضيها السياق. وقد أخذناها من سياق النصّ. وقارن برواية المعالم ٢٣١: ٢.
(٦) في الأصل: وشفتيه تتحرك.
(٧) كذا أمكننا قراءة هذه الكلمة. وقرأها ناشر الطبعة السابقة: برك. والمعنى واحد.
(٨) حماس بن مروان بن سماك الهمداني. ترجم له المالكي في الثاني من الرياض.
(٩) في الأصل: وابنا. وسالم بن حماس. مذكور بين فقهاء افريقية. ترجمه الخشني في طبقاته ص ١٧٨.
(١٠) في الأصل: وسراويلا.
(١١) في الأصل والمطبوعة: لا يبيت معه بيضا ولا حمرا. وقارن بقول ابن غلبون الوارد في المعالم ٢: ٢٣٠: «اني عاهدت الله ان لا تبيت معي بيضاء ولا حمراء، انما لك من الدنيا قوتك والباقي صدقة، وكذلك قال لي معلمي أبو هارون الأندلسي».