كتاب رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية

ثم كانت سنة أربع وتسعين ومائتين - ١٦٩ - أبو السرى واصل المتعبد (¬*) - ج: 2 - ص: 16

الديماس (٣). كان رجلا صالحا، فاضلا، مجتهدا، صحب جماعة من النساك المنقطعين إلى الله عزّ وجلّ بالمشرق والمغرب-وهو غير أبي السرى واصل [الجمي] (٤) المتعبد بقصر جمة (٥).

قال ربيع بن سليمان الكانشي: كنت كثير الاختلاف إليه، فبصر يوما برجل ممن [كان يختلف معنا ليس معه عصا-وكان اسمه ابراهيم-فقال: يا ابراهيم ما لك بلا عصا؟ فقال: ليس عندي عصا فقال لبعض] (٦) [من] (٧) كان معنا جالسا: اذهب إلى الركن-وأشار إلى أحد أركان البيت-فاتني بالعصا التي فيه. فذهب الرجل فأتاه بعصا/فأخذها ونظر إليها ثم دفعها إلى ابراهيم وقال له: هي عندك بأمانة الله عزّ وجلّ فاحفظها. قال: فأخذها الرجل وانصرفنا. فلما كان في الجمعة الأخرى أتيناه فلم يكن له همّ إلاّ النظر إلى العصا فرأى عليها (٨) خيطا ملفوفا، فقال له: ما لهذه العصا؟ فقال له: يا سيدي كنت أعاني أمر ثور فاعتاص عليّ فضربته بها فتصدّعت، فقال له: وانما أعطيتها لك (٩) لرعي البقر، هاتها وأخذها وقال (١٠): أتدرون شأن هذه العصا؟ قلنا: لا، فقال (١١): كنت أكثر السياحة منفردا عن الناس فبينما أنا يوما سائر (١٢) في بعض

---

(٣) عن الديماس انظر: الادريسي ٣٠٣: ١ رحلة التجاني ٣٣٦ ديوان ابن حمديس ٢٥٤.
(٤) زيادة من (ب)، وانظر عن واصل الجمي [ت ٢٥٢] الرياض ٤٣١: ١ - ٤٤١ وقد تصحّفت فيه نسبته «الجمي» إلى «اللخمي»، المدارك ١٩٨: ٤ - ٢٠٤، وتصحفت فيه نسبته أيضا إلى «الخمي».
(٥) انظر عن «قصر جمة» الرياض ٣٣٤: ١، المدارك ١٩٨: ٤، وقد تصحف في الأول إلى «حمة» بالحاء المهملة وفي الثاني إلى «خمة» بالخاء المعجمة وشبه جزيرة جمة Gamme هي الموضع الذي أقام عليه المهدي مدينة المهدية سنة ٣٠٨، البيان المغرب ١٦٩: ١، الورقات ٣٦٠: ٣.
(٦) زيادة من (ب)
(٧) زيادة يقتضيها السياق
(٨) عبارة (ب): فلم يكن له همّ إلا النظر إلى العضا. فلما نظر إليها رأى عليها
(٩) في (ب) اعطيتكها
(١٠) في (ق): فأخذها منه فقال
(١١) في (ق): قال: نعم كنت
(١٢) في الأصلين: سائرا