وركب الحاكم لفتح الخليج في ذي القعدة والماء على أربعة عشر ذراعا وأصابع، وهو تاسع توت، فانتهى بعد فتح الخليج ماء النيل إلى ستة عشر أصبعا من خمسة عشر ذراعا، ثم نقص، فتحرك السعر وازدحم الناس على شراء الغلال وابتدأت الشدة.
وفيها مات يعقوب بن نسطاس النصراني، طبيب الحاكم، سكران في بركة ماء، فحمل إلى الكنيسة في تابوت، وشق به البلد، ثم أعيد إلى داره فدفن بها، وسائر أهل الدولة في جنازته ومعه شموع كثيرة تتقد، ومداخن عدة فيها بخور. وكان طبيب وقته، عارفا بالطب، آية في الحفظ، ما يغنى له قط صوت إلا حفظه. ولو غناه مائة مغن في مجلس واحد لحفظ سائر ما غنوه به وتكلم على ألحانها وأشعارها. وكانت له يد في الموسيقا، وانفرد بخدمة الحاكم في الطب فأثرى، وترك زيادة على عشرين ألف دينار عينا، سوى الثياب وغيرها.
وتوفى الأمير منجوتكين لأربع خلون من ذي الحجة، فصلى عليه الحاكم.