فيها ذكر المسبحي خبر أبي ركوة الوليد بن هشام بن عبد الملك بن عبد الرحمن الأموي ولد بالأندلس وقدم القيروان، فانتصب يعلم الصبيان بها القرآن، ثم دخل إلى مصر فأقام بها وبأريافها يعلم الصبيان مدة، ثم خرج إلى الإسكندرية وقد أكثر الحاكم من الإيقاع ببني قرة وأكثر من قتلهم وتحريقهم بالنار، فخلعوا طاعته. وسبب ذلك أن بني قرة كان شيخهم مختار بن القاسم، فلما بعث الحاكم يحيى بن علي الأندلسي يخرج فلفول بن سعيد بن خزرون بطرابلس على صنهاجة ساروا معه إلى طرابلس، وجرت الهزيمة عليه ورجعوا إلى برقة. فتنكر لهم الحاكم، فامتنعوا عليه، فبعث لهم بالأمان؛ فقدم وفدهم إلى الإسكندرية فقتلهم عن آخرهم سنة أربع وتسعين. وكان عندهم معلم القرآن واسمه الوليد بن هشام، ينسب إلى المغيرة بن عبد الرحمن من بني أمية؛ وكان يزعم أن له أثارة من علم، ويخبر بأنه سيملك ما ملكه آباؤه، وكان يقال له أبو ركوة. فدعاهم إلى نفسه فبايعوه، وتلقب بأمير المؤمنين الناصر لدين الله.
ثم بعث إلى لواتة ومزانة وزناتة فاستجابوا له؛ ورحل إلى برقة، والناس يباركونه في كل يوم فيسلمون عليه بالخلافة ويقبلون له الأرض، فيجلس في وسطهم ويقول: أنا واحد منكم وما أريد شيئا من هذه الدنيا: ولا أطلبها إلا لكم، وليس معي مال أعطيكم