للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالتقدّم بالمسير ونزع الوزارة من يد بهرام إذ تبيّن أنه ليس من أهل الملّة. وسار بهم إلى دجوة (١)، وبهرام لا ينزعج.

فلمّا قرب رضوان جمع بهرام الأرمن إليه وقال لهم: اعلموا أنّنا قوم غرباء لم نزل نخدم هذه الدّولة؛ والآن فقد كثر بغضهم لأيّامنا، وما كنت بالذى أكون عبد قوم وأخدمهم من حال الصّبا فلمّا بلغنى الكبر أقاتلهم؛ لاضربت فى وجوههم بسيف أبدا. سيروا.

وأخذ أمراء الدّولة وعساكرها يخرجون شيئا بعد شيء إلى رضوان.

واجتمع بهرام بالخليفة وفاوضه فى أمره؛ فقال تحلّبنى الإسلام عليك (٢). فأيس حينئذ، وجمع الأرمن، وكانوا كلّهم منقادين إليه لا يخالفونه فى شيء من الأشياء، وسار بهم نحو بلاد الصّعيد يريد أخاه الباساك بقوص، قاصدا أنّه يجتمع به ويمضون إلى أسوان فيتملكونهما ويتقوّون بالنوبة أهل دينهم (٣). وقد ذكر أنّ بهرام خرج يريد محاربة رضوان فى عساكر مصر.

فلمّا وصل بعسكر القاهرة إلى رضوان رأوا المصاحف قد رفعها رضوان فوق الرّماح، فصاروا بأجمعهم إلى رضوان باتفاق كان بينهم وبينه من قبل ذلك؛ فعاد بهرام إلى القاهرة وأخذ ما خفّ حمله، وخرج من باب البرقية يوم الأربعاء، وقت العصر، حادى عشر جمادى الأولى، وسار يريد الصّعيد وقد أوسق المراكب بما يحتاج إليه. فعند ما رحل اقتحم رعاع النّاس وأوباشهم إلى دار الوزارة فنهبوها وهتكوا حرمتها، وعملوا كلّ مكروه؛ فكان هذا أوّل نهب وقع فى دار الوزارة. وامتدّت الأيدى إلى دور الأرمن التى


(١) الضبط من قوانين الدواوين وهى من أعمال إقليم الشرقية، ومن ملحقاتها كياد، ويضبطها ياقوت بضم الدال. معجم البلدان: ٤١:٤؛ قوانين الدواوين: ١٣٢، ١٧١، ١٧٢.
(٢) فى القاموس المحيط: حلب القوم حلبا وحلوبا اجتمعوا من كل وجه، والحلبة خيل تجتمع للنصرة.
(٣) عبارة الأصل: ويمضون إلى أسوان فيملكوها ويتقووا بالنوبة أهل دينهم.
ويقول النويرى: وتجمع الأرمن حول بهرام، فراسل الخليفة الحافظ وقال: أنا ألقاهم بمن معى - يعنى بذلك قدرته على مواجهة رضوان بالأرمن - فخاف الحافظ عاقبة ذلك وأمره أن يتوجه إلى قوص ويقيم عند أخيه الباساك - واليها - إلى حين يدبر أمرا. نهاية الأرب: ٢٨.