للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر ما صار إليه أولادهم]

ولمّا مات العاضد غسله ابنه داود وصلّى عليه، وجلس على الشّدة (١)، واستدعى صلاح الدّين ليبايعه، فامتنع، وبعث إليه: أنا نائب عن أبيك فى الخلافة ولم يوص بأنّك ولىّ عهده. وقبض عليه وعلى بقيّة أولاد العاضد وأقاربه فى سادس شعبان سنة تسع وستّين وخمسمائة، ونقله هو وجميع أقاربه وأهله إلى دار المظفّر (٢) من حارة برجوان فى العشر الأخير من شهر رمضان، ووكل عليهم وعلى جميع ذخائر القصر، وفرّق بين الرّجال والنّساء حتى لا يحصل منهم نسل. وأغلقت القصور وتملكت الأملاك التى كانت لهم، وضربت الألواح على رباعهم وفرقت على خواص صلاح الدّين كثير منها وبيع بعضها. وأعطى القصر الكبير لأمرائه فسكنوا فيه.

وأسكن أباه نجم الدّين أيّوب فى اللّؤلؤة على الخليج، وصار كلّ من استحسن من الغزّ دارا أخرج صاحبها منها وسكنها.

ونقلوا إلى قلعة الجبل، وهم ثلاثة وستّون نفرا، فى يوم الخميس ثانى عشرى رمضان سنة ثمان وستمائة، فمات منهم إلى ربيع الأول سنة أربع وعشرين وستمائة ثلاثة وعشرون.

وتولّى وضع القيود فى أرجلهم الأمير فخر الدّين الطبنا أبو شعرة بن الدّويك والى القاهرة.

قال المهدى أبو طالب محمّد بن على، ابن الخيمى: وفى سنة ثلاث وعشرين وستمائة عوقبت بالقلعة، فوجدت بها من الأشراف أربعين شريفا وهم: الأمير سليمان بن داود ابن العاضد، وأبو الفتوح بن العاضد، وحيدرة بن العاضد، وجبريل بن العاضد، وعلىّ بن


(١) ولقبوه: الحامد لله. وقد توفى فى زمن العادل سيف الدين أبى بكر بن أيوب فى الحبس، فقيل إنها صارت من بعده لابنه سليمان بن داود بن العاضد، وكانت أمه قد ولدته بالصعيد حتى لا يقع فى أيدى الأيوبيين، فعلم الملك الكامل ابن العادل بخبره فظفر به وحبسه بقلعة الجبل، وتوفى بها فى سنة خمس وأربعين وستمائة أيام الصالح نجم الدين بن الكامل. مفرج الكروب: ٢١٠:١.
(٢) هى الدار التى أنشأها بدر الجمالى لتكون سكنا له ومقرا لوزارته، فلما جاء من بعده ابنه الأفضل أنشأ دارا جديدة عرفت بدار الوزارة وظلت المقر الرسمى للوزارة إلى أواخر عهد الفاطميين.