وأما المغرب فإن الأستاذ برجوان لما ولى تدبير الدولة ثقل عليه أبو الحسن يانس الصقلبي العزيزي، فإنه كان ينافسه في الرئاسة، فتحيل حتى أخرجه إلى برقة كما تقدم، فتوالت كتب تموصلت بن بكار يسأله أن يأتيه أحد ليسلمه مدينة أطرابلس، وتقدم إلى الحضرة. فقصد برجوان إبعاد يانس، فكتب إليه حتى سار إليها وقدم إليها للنصف من جمادى الأولى سنة سبعين، فسلمه تموصلت البلد ومضى إلى القاهرة وقد تأخر أكثر عسكره مع يانس، فاختلفوا مع أصحابه حتى اقتتلوا وخرجوا أقبح خروج إلى إفريقية، وشكوا ما نزل بهم إلى نصير الدولة أبي مناد باديس. فبعث القائد جعفر بن حبيب على عسكر، فقاتل يانس، فقتل في رابع ذي القعدة. وبادر فتوح بن علي بن عقيان من أصحاب يانس إلى أطرابلس، فدخلها، وانضم إليه بقية أصحابه وقاتل بها جعفر بن حبيب سنة إحدى وتسعين، واستمد الحاكم، فأمده بيحيى بن علي بن الأندلسي على عسكر، فاختلف عليه أصحابه وعاد أقبح عود إلى القاهرة. فأراد الحاكم قتله، فأظهر كتاب زيدان صاحب المظلة بخطه أن يدفع إليه المال من برقة، وأنه قبض ذلك من مال الحضرة، فلم يجد ببرقة مالاً ينفقه على العساكر؛ فقبل هذا العذر وقتل زيدان على ما فعل.
وكان مع يحيى بن علي عند خروجه من المغرب جماعة من بني قرة، فكسروا عسكره ورجعوا إلى موضعهم؛ فبعث الحاكم يستدعيهم إلى القاهرة، فخافوا وامتنعوا؛ فأعرض عنهم مدة ثم كتب إليهم أمانا، فبعثوا رهائن منهم؛ فأمرهم بالوصول إلى الإسكندرية ليقفوا على ما يأمرهم به، فحذر أكثرهم، وقدمت طائفة إلى الإسكندرية فقتلوا وحملت