فرسم بإحضار شاهدين ومهندسين، وتوجهوا إلى سائر الدور المختصة بالأفراح وإحضار ملاكها، فمن رغب في استمرار ملكه على حاله فليزل التطرق إليه ويكتب عليه حجة بالقسامة بذلك. ومن لم يرغب فلتؤخذ عليه الحجة بألا يوجد ملكه للأفراح ويتصرف فيه على ما يريد. فامتثل ذلك.
وجرى الرسم في عمل المولد الكريم النبوي في ربيع الأول على العادة.
وكتب لجميع الأعمال، خلا قوص وصور وعسقلان، بمطالعة كل وال منهم في مستهل كل شهر بمن حواه السجن والموجب لاعتقاله، ويبين كل منهم ذلك ويعتمد فيه الحق. وسبب ذلك أنه رفع إلى المأمون أن بعض الولاة يعتقل من لا يجب عليه اعتقال، لطلب رشوة، فتطول مدته.
وفيه قرر برسم رش ما بين البلدين، مصر والقاهرة، في كل يوم من اليومين اللذين يركب فيهما الخليفة مما يصرف للسقائين دينار واحد؛ فاستمر ذلك يطلق لهم إلى الأيام الحافظية. وكان سبب إطلاق هذا القدر أنه رفع للوزير المأمون أن واليي القاهرة ومصر يأخذان جميع السقائين أرباب الجمال والدواب لرش ما بين البلدين سخرةً بغير أجرة.
وفي جمادى الآخرة أعيد ثغر صور إلى ظهير الدين طغتكين، صاحب دمشق، وكتب له بذلك، وفخم فيه وعظم، ونعت بسيف امير المؤمنين؛ وجهزت إليه الخلعة، وهي بدلة طميم منديلها طوله مائة ذراع شرب، فيه ثمانية وعشرون ذراعا مرقومة بذهب عراقي، وثوب طميم جميعه برقم ذهب عراقي، سلف المنديل والثوب ألف دينار، وثوب دبيقي وسطاني،