للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر طرف من ترتيب الدّولة الفاطميّة

اعلم أنّ الدّولة كانت إذا خلت من وزير صاحب سيف (١) يتغلّب عليها فإنّه يجلس صاحب الباب (٢) فى باب القصر المعروف بباب الذّهب، وهو أحد أبواب القصر، ويقف بين يديه الحجّاب والنّقباء، وينادى مناد: يا أرباب الظّلامات؛ فيحضر إليه أرباب الحوائج.

فمن كان أمره ممّا يشاقه به نظر فى أمره بمن يتعلّق من القضاة أو الولاة، فيسيّر إلى ذلك كتابا بكشف ظلامته. فإن كان مع المتظلّم قصّة أخذها منه الحاجب، فإذا اجتمع معه عدّة دفعها إلى الموقّع بالقلم بالقلم الدّقيق (٣) فيوقّع عليها، ثمّ تحمل منه إلى الموقّع بالقلم الجليل (٤) ليبسط ما أشار إليه الموقّع بالقلم الدّقيق. فإذا تكاملت حملت فى خريطة إلى الخليفة فوقّع عليها، ثمّ أخرجت فى الخريطة إلى الحاجب فيقف بها على باب القصر ويسلّم لكلّ أحد توقيعه.

فإن كان فى الدّولة وزير صاحب سيف فإنه يجلس يومين فى كلّ أسبوع فى مكان معدّ له فى القصر، ويجلس قبالته قاضى القضاة وعن جانبيه شاهدان معتبران، ويجلس فى جانب الوزير الموقّع بالقلم الدّقيق ويليه صاحب ديوان المال، وبين يديه صاحب المال وإسفهسلار العساكر، وبين أيديهما النّواب والحجّاب على طبقاتهم.


(١) كانت الوزارة أعلى الوظائف رتبة وشاغلها تارة من أرباب السيوف وتارة من أصحاب الأقلام، وفى كلتا الحالتين كانت تعلو ويتسع نطاق تصرفها فتكون وزارة تفويض، ويعبر عنها حينئذ بالوزارة، وقد تنحط عن ذلك ويضيق تصرف شاغلها فتسمى وساطة، وإذا كان الوزير صاحب سيف كان فى مجلس الخليفة قائما فى جملة الأمراء القائمين، وإذا كان صاحب قلم جلس كما يجلس أرباب الأقلام. صبح الأعشى: ٤٨٢:٣ - ٤٨٣، ١٤٩:١١.
(٢) مرتبته تلى مرتبة الوزير وكانت وظيفته تسمى الوزارة الصغرى وينظر شاغلها فى المظالم إذا لم يكن ثم وزير صاحب سيف، وإلا أصبح صاحب الباب ممن يقف فى خدمة الوزير. صبح الأعشى: ٤٨٣:٣.
(٣) ولصاحب هذا المنصب طراحة ومسند وفراش يقدم إليه ما يوقع عليه، وله موضع من ديوان المكاتبات لا يدخل إليه أحد إلا بإذن، وهو يلى صاحب ديوان المكاتبات فى الرسوم والكسوات وغيرها، ويكون صاحب هذا القلم الدقيق من الأستاذين المحنكين، ويختص بالجلوس إلى الخليفة فى أكثر أيام الأسبوع فى خلوته، وإذا جلس الوزير للمظالم جلس إلى جانبه يوقع بأمره. المواعظ والاعتبار: ٤٠٢:١؛ صبح الأعشى: ٤٩١:٣.
(٤) ويقال لوظيفة التوقيع بالقلم الجليل الخدمة الصغرى، ولها الطراحة والمسند بغير حاجب والفراش الذى يرتب لصاحبها ما يوقع عليه. نفس المصدرين السابقين.