عونك اللهم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم كما ذكره الذاكرون، وكما غفل عن ذكره الغافلون.
الحمد لله الذي برأ سماواتٍ طباقاً رفيعات، ولما دونها محيطات، وجعلها في الأقدار متفاوتات، وبالحركة متباينات، وفي التركيب مختلفات، ذات بروج معدودة، وأقسام مقدرة محدودة، وكواكب نيرة موارة، في أفلاك بها دوارة، تتحرك لنفسها تارة فتردها أفلاكها بقدرته تعالى مقسورة؛ كل ذلك يجري على ما قدر له من إسراع وتأثير، وإبطاء وتدبير، وإنماء وتغيير، بأمر الحكيم القدير، وتقدير العليم الخبير؛ ودحا الأرض فسطحها مهادا، وأرسى عليها الجبال فصارت أوتادا.
ثم خلق الإنسان من طين، وأنشأ منه البشر من سلالة من ماء مهين، واستعمرهم في الأرض لينظر كيف يعملون، وسخر لهم ما في السموات وما في الأرض لعلهم يشكرون، ومكنهم من النعماء، وتبسطوا في فنون الأفضال والآلاء، وأثاروا الأرض وعمروها، واتخذوا المدائن واستوطنوها، وقهروا الأعداء ممن ناوأهم، وخضدوا بالقهر شوكة من عاندهم أو شانأهم.
حتى إذا كفروا النعم، ولم يخشوا العقوبة والنقم، أبادهم الله الذي أيدهم وأهلكهم القادر الذي مكنهم، وجزاءً بما اكتسبوا من السيئات، وعقوبة لهم على اجتراح الخطيئات، وسيعيدهم أجمعين إليه، ويوقفهم كلهم للحساب بين يديه.