تصدير بقلم الأستاذ: محمد أبو الفضل ابراهيم رئيس لجنة احياء التراث
﷽
فى سنة عشرين من تاريخ الهجرة، تمّ للقائد العربىّ، والصحابىّ الجليل، عمرو ابن العاص، فتح مصر؛ ومن ذلك الحين دخل هذا الإقليم فى الدولة الإسلامية وتلوّن بالصّبغة العربية؛ وأخذ يتوافد إليه أعيان الصحابة والتّابعين، وأعلام الفقهاء والمحدّثين؛ حيث وجدوا الظلّ الوارف، والمورد العذب السّائغ، والمقام المحمود؛ ولم يلبث أن دخلت الجمهرة من المصريّين فى دين الإسلام أفواجا، وانتشر فى كلّ النواحى من أقصى الصعيد إلى بلاد الشمال؛ حتى أصبحت مصر بمعالمها وحضارتها ووفرة مواردها من أهم الأقطار الإسلامية، بل إنها حملت لواء الزعامة فى كثير من عصورها التاريخية؛ مما دوّنه المؤرخون كابن عبد الحكم والقضاعىّ والمسبّحىّ وأبو عمر الكندىّ وابن ميسّر وغيرهم.
وكانت الدولة الفاطمية من أعظم الدول التى عاشت فى مصر أكثر من قرنين من الزّمان؛ وكان لها تاريخ حافل، ولخلفائها فى الحضارة الإسلامية أثر بعيد؛ فهم الّذين أسسوا القاهرة المعزّية؛ فكانت قبّة الإسلام، وحاضرة الأنام، وغرّة جبين الزمان، وأنشئوا الجامع الأزهر؛ فكان منبعا للعلوم الإسلامية ومنارة للمعارف والآداب على مر الزمان، كما أقاموا دور الكتب والخزائن، وجلبوا إليها الكتب والأسفار، وأرصدوا لها الأموال، وأعدوا لطلاّب المعرفة القوّام والنّساخ، وهوت إليها أفئدة العلماء من شتّى الجهات، ينهلون العلم من أعذب مورد وأصفاه؛ هذا إلى ما كان لهم من أثر فى بناء المساجد والقصور والبساتين فى جنبات القاهرة وعلى ضفاف النيل، وما تجردت له همتهم من إعداد الجيوش وإنشاء