للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحضوره بالسياط إلى أن قارب الهلاك، وثنى بأخيه كذلك، ثم أخرجا وقطعت أيديهما وسلت ألسنتهما من أقفيتهما، وصلبا على بابي زويلة الأول والثاني فأقاما زماناً ثم وضعا.

وكان سبب قلتها أنهما كانا من الكتاب فنبغا وتوصلا بالحافظ، فاستخدمهما في ديوان الجيش، فوثبا على رؤساء الدولة وأعيان كتابها وخواص الخليفة من الأستاذين المحنكين، مثل الأجل الموفق كاتب الدست وكان موضع سر الخليفة ومحل مشورته في الأمور العظام من أحوال الممالك ومن يليه، كالقاضي المرتضى المحنك، والخطير ابن البواب، وتجرآ على المذكورين وغيرهم مع قلة دربة. فكثر حسادهما وعمل عليهما فيما يخرج للأمراء والمقطعين من الخروجات في كل سنة، ويشتمل الخرج على نعوت ذلك الأمير، فيصير ذلك الخرج إلى عالم الإقطاعات، وهو تحته. فذكرا في أحد الخروجات كلاماً طريفاً ليؤخذ عليه خطهما ليوقف عليه الخليفة حتى يتبين له جهلهما، وهو: حبطست حبطست، وفي النهر قد غطست، بغلالة أرجوان، صفراء بزعفران. فمشى عليهما ذلك وترجما الخرج بخطهما؛ وخرج من أيديهما، فأحضر إلى الأجل الموفق ابن الحجاج، كاتب الدست؛ فأخذه ودخل به إلى الخليفة الحافظ، وقال: يا مولانا، الأمثال مضروبة بحفظ ديوان هذه الدولة ومن يتولاها، فكيف لو ظفر بهذا الخرج مخالف لها، يقصد التشنيع عليها. فقال له الحافظ: يا مولاي الموفق، هبهما لي. فقال: يا مولانا، كلنا مماليكك. وخرج؛ ولم يبلغ الأعداء منهما ما أرادوا؛ فزاد أمرهما في الدولة على الخليفة والاستعلاء على الناس.

وأراد الأكبر منهما أن يدخل على الخليفة ويخرج ظاهراً ليراه الناس، فجدد له ديواناً سماه

<<  <  ج: ص:  >  >>